إبراهيم عبدالله العمار
أجب: لماذا تبر والديك؟
هناك إجابات كثيرة، منها: ابتغاء رضا الله، أو بسبب حق الوالدين الطبيعي، أو لأنهما ربياني وأحسنا إلي، وغير ذلك من الأسباب. لكن الإجابة التي أتمنى أن لا أسمعها هي أن يقول الشخص: لكي يبرني أبنائي إذا كبرت.
إحدى أسوأ النصائح التي يقدمها الناس هي أن يحولوا أعمال الخير إلى مبادلات شبيهة بالمقايضات التجارية، فقد يأتي أحدهم ويسمع عن شخص – مراهق مثلاً – عقّ والدته أو تكلم معهما بغلظة، فينصحه أو يوبّخه، وربما يكون من جملة كلامه: لا تعق والديك وإلا عقك أبناؤك فيما بعد.
وهذه قد تكون صحيحة، وقد فعلاً يعاقب العاق بنفس الطريقة، لكن من السيئ أن نغرس في النفوس أنها عملية مبادلة: أبر والدي ليبرني أبنائي. أصلي لكيلا أُعذب. أتصدق لكي تنمو تجارتي. أحسن خلقي ليعاملني الناس بلطف. أستقيم لكي تنهمر علي النعم، وإذا حصل لي أذى أو نقصان أو مصيبة شعرت كأن غُبِنتُ في عملية المبادلة التجارية! وهكذا.
المفروض أن نعُلّم النصح والتربية على الخصال الحسنة لأن الله ورسوله أمرا بها، لأن هذه الأمور حسنة في ذاتها، لأن لها أجراً، لأنها تُصلح الفرد والمجتمع، وما إلى ذلك، لا لمقابل مرئي مشابه، مثل «سأتصدق لتنمو تجارتي وإذا لم يحصل هذا فلن أتصدق»، وهذا يذكرني بذاك الرجل الذي ضاعت ناقته، فقال: «والله لئن لم يردد عليّ ناقتي لا صلّيت أبداً». هذه هي العقلية التي يمكن أن تنتج من تحويل الطاعات إلى مبادلات.
ولهذا قد ينقص الإيمان لدى البعض إذا أحسن خلقه وواجه غلظة من الناس، أو أن يبر والديه فيظهر في بعض أولاده عقوق أو مشكلات، أو أن يتصدق الشخص وتخسر تجارته، أو أن يستقيم ويصيبه ضيق أو كرب، أو أن يُحسن خلقه ويتعرض لوقاحة وسوء خلق من الناس.
ومن أوضح الأمثلة نوح عليه السلام والذي لا شك أنه بر أبويه ورغم ذلك كَفَر ابنه وعصى أباه في أهم أمر على الإطلاق، التوحيد.