رقية سليمان الهويريني
نشرت الهيئة العامة للإحصاء نتائج مسح القوى العاملة في المملكة خلال الربع الثالث من هذا العام 2016م، حيث أظهرت انخفاض نسبة السعودة إلى 40.6 % مقابل 42.8 % مقارنة بنفس الربع للعام السابق، بما يعني ارتفاع نسبة الأجانب إلى59.2 % مقارنة بـ57.2 % في الربع ذاته.
وحتى يكون القارئ على اطلاع دقيق على عدد المشتغلين في المملكة بنهاية الربع الثالث من هذا العام؛ فقد بلغ 12.376.699فرداً مقارنة بعدد 11.686.115فرداً بنهاية الربع الثاني من العام نفسه، بما يعني أن الاقتصاد السعودي قد عمل على توليد 690.584 فرصة عمل جديدة في هذا الربع، بارتفاع 5.9 %، ذهب منها 672.623 فرصة عمل للأجانب بنسبة 97.4 % مقابل 17.961 للسعوديين بنسبة 2.6 %!
وهذه الأعداد صادمة جداً مهما كانت التفسيرات والتبريرات لها بتضاؤل عدد المشغلين السعوديين وزيادة غير السعوديين من المشغلين! حيث تركّزت تلك الوظائف بتجارة الجملة والتجزئة وإصلاح المركبات وقطاع التشييد الذي بلغت نسبة السعوديين فيه 6.4 % فقط و93.6 % أجانب، وكذلك نسبة الأجانب في قطاع الصناعة التحويلية 81.9 % مقابل نسبة السعوديين 18.1 %!!
والواقع المؤسف هو تبرير رجال الأعمال بأنهم يبحثون عن الكفاءة في الإنتاج وأن الشباب السعودي غير ملتزمٍ بالوقت، فضلاً عن ضعف الإنجاز، وهو تعليل مقبول إلى حد بعيد، وواقع يشكِّل معضلة كبيرة لم يستطع المجتمع حلها رغم توحّش البطالة وفتكها بالشباب وما يتبعها من مشاكل اجتماعية لا تقف عند الانحراف وسلوك الجريمة والفقر؛ بل تتعداها إلى العجز عن مقابلة تكاليف الحياة وما يترتب عليه من إحباط وانكفاء على الذات!
إننا إزاء مشكلة كبيرة أمام هذه النسب الصادمة التي لا تكذبها الإحصاءات، والحل الوحيد أمام هذه الغائلة هو نشر ثقافة العمل الجاد وتقليل ساعات الدوام وتفعيل الحوافز وإنشاء المعاهد الفنية والمهنية، وضرورة المواءمة بين مخرجات التعليم وسوق العمل، من خلال الاعتماد الأكاديمي والمهني لممارسة المهنة على جميع العاملين، وفرض رسوم إصدار لضمان مستوى جودة الخدمة المقدَّمة للمستفيد، والتأكد من عدم دخول المتسيبين وغير الأكفاء لسوق العمل، ولعل هذا يوسع مجال المنافسة لصالح أبنائنا الشباب ويمنحهم الثقة بأنفسهم.