د.عبدالعزيز الجار الله
حصر الوظائف الحكومية الشاغرة في غير نشاطها الأساسي التي مضى على شغورها أكثر من ثلاث سنوات، أو التي مضى عليها أكثر من ست سنوات، من المرتبة العاشرة وما دون، والتي تعمل عليها وزارة المالية هذه الأيام حسب ما نشرته جريرة الجزيرة يوم أول أمس السبت، هي من الخطوات والإجراءات الحيوية لحماية الوظيفة وحماية المال العام ووقف الهدر المالي، أيضاً من جانب آخر فإن معظم وظائف الحكومة إجمالاً تحتاج إلى مراجعة، وظائف ما دون العاشرة وما فوقها حتى في الوظائف القيادية والعليا بعد أن أعادت الدولة هيكلة الوزارات بالدمج وإلغاء الوزارات والقطاعات واستحداث هيئات جديدة، وبالتالي اختلفت بعض المناصب والوظائف في الهيكل التنظيمي، واختلفت مهام العمل والأدلة التنظيمية والإجرائية والصلاحيات، وهذا يتطلب مراجعة للمناصب والوظائف وحصر الوظائف الحكومية الشاغرة وإعادة توزيعها وإلغاء بعضها.
أكبر دخول للوظائف تم في السنوات الأخيرة هو عام 2010م وما تلاه وقد تجاوز العدد (300) ألف موظف وموظفة في مسمى عرف باسم (تثبيت الوظائف) وهؤلاء تم استيعابهم في وظائف حكومية لكن لم يتم توزيعهم بشكل متوازن وحسب الاحتياج بين الوزارات والقطاعات، لذا من الضروري إعادة التوزيع حسب الاحتياج وحجم العمل عبر نقل الموظف بوظيفته بعد موافقة القطاعين ووزارة الخدمة المدنية، فما حدث هو تكدس العديد من الوظائف في قطاع دون غيره، وهذا أدى إلى إرباك الجهاز وتضخم باب وبند الرواتب، وبالتالي سيكون على حساب التطوير والمشروعات وتحسين بيئة العمل.
المراجعات الدورية للوظائف مع كل متغيّر هي من أساسيات الحوكمة التي تقوم على الشفافية والتفصيل، وهذا بالضبط الذي ينقص وزارة المالية وزارة الخدمة المدنية ووزارة العمل لمعرفة الإحصاء الدقيق للوظائف الشاغرة وغير الشاغرة الفعلية والمطابقة للبيانات في القطاع ولدى وزارة المالية والخدمة المدنية بهدف الحصر وبدقة ومعرفة خريطة الوظائف الحكومية بدلاً من التقديرات والأرقام المتناقضة.
هذه المراجعة ستوقف كثيراً من الهدر المالي بإذن الله وتوفر أرقام وظائف تعالج بها حالات البطالة، وتكشف حجم توزيع الوظائف، والعدالة في توزيع الوظائف بين القطاعات والمناطق والمحافظات والمدن، ويتيح لجهات الابتعاث والتطوير وتسكين الوظائف أن يكون عملهم مبنياً على أسس علمية متينة تقوم على بيانات دقيقة ومطابقة للواقع.