خالد بن حمد المالك
خلال هذا العام والعام الذي سبقه ربما لاحظ القراء انخفاض حجم الإعلانات في الصحف المحلية بشكل حاد دون استثناء في أي صحيفة، ويعزو البعض أن سبب ذلك استئثار المواقع أو ما يسمى بالصحف الإلكترونية على حصة كبيرة مما كان يذهب (مهرولاً) إلى الصحف الورقية، وهذا كلام غير صحيح، أو أنه استنتاج غير دقيق.
* *
الواضح المؤكد أن حصة الإعلانات في المملكة لم تعد بذلك الحجم الذي كانت عليه في السابق، سبب ذلك يعود إلى أن الشركات والمؤسسات والبنوك قلصت ميزانياتها للإعلان عن منتوجاتها وخدماتها، وانعكس ذلك على ما نراه من شح في المساحات الإعلانية بالصحف الورقية، خاصة في الصحف التي كانت تستحوذ على حصة كبيرة من كمية الإعلانات في المملكة.
* *
وقد ظهر تأثير هذا الانخفاض الإعلاني الحاد واضحاً، فقد قلصت عدد صفحات الصحف عما كانت عليه، وربما لجأ بعضها إلى تقليص كمية المطبوع منها، فضلاً عن أن مواجهة نقص الإعلان تطلب من بعض الصحف إعادة هيكلتها، وبالتالي الاستغناء عن بعض الصحفيين والكتّاب والإداريين فيها، ومن لم تفعل ذلك من المؤسسات الصحفية فقد استخدمت أساليب أخرى للترشيد في المصروفات.
* *
هذه حقيقة، وليست نظرة تشاؤمية، ولا بد من الاعتراف بها، وعدم المكابرة، أو الادعاء من أي صحيفة بأنها لم تتأثر إعلانياً مع تواضع حجم الإعلان في السوق، لأن الاعتراف بالواقع يقودنا بداية إلى معالجة المشكلة بإيجاد حلول عملية وواقعية لها، ومع المعالجة يتأكد لنا مدى استمرار الصحف في تأدية دورها دون أن يشل نقص الإعلان نشاطها المعتاد.
* *
الحلول السلبية - بنظري- تكون في تخفيض عدد الصفحات، وبالتالي غياب الكثير من الصفحات المقروءة، بما فيها التحقيقات والتقارير والأخبار, ومثل ذلك الاستغناء عن بعض الصحفيين والكتّاب، وأخيراً وليس آخرا تخفيض كميات الطبع، مما يجعل قراءة الصحيفة الورقية في متناول عدد أقل من قرائها، ومع ذلك فقد وجدت الصحف نفسها مجبرة بأخذ هذه القرارات الصعبة.
* *
كثيرون سيقولون، إن العالم يشهد موجة انحسار للصحافة الورقية، وأن ما تمر به صحفنا هو مماثل أو يتشابه مع ما تعانيه الصحف الورقية في العالم، لكن المقارنة في هذا غير دقيقة، لأن الصحف الورقية العالمية لديها من الصحف الإلكترونية ما يزاحمها وينافسها، بل وربما يتفوق عليها، وهو ما لا يوجد لدينا، حيث لا تزال المنتوجات الإلكترونية لدينا في بداياتها، بما لا غنى عن الصحف الورقية.
* *
الغرض من هذه المصارحة، أن نبدأ التفكير والتخطيط والعمل لكي لا تموت الصحافة الورقية قبل أن تكون لدينا صحافة إلكترونية ناضجة وقادرة على أن تكون بديلاً للصحافة الورقية، وأن نبدأ المعالجة من الآن، وليس بعد أن يكون الوقت لا يسعفنا في البحث عن حلول، وإلا أصبحت الصحافة في المملكة في حالة غيبوبة تامة لا يصلح مع مرضها مشرط الطبيب الجراح للمعالجة الناجحة.
يتبع....