مهدي العبار العنزي
تميز الإنسان عن كل مخلوقات الله سبحانه وتعالى بالعقل، لأن العقلاء في كل زمان ومكان يحملون الفكر الذي يؤهلهم للوصول إلى الغايات التي يطمحون لها ويمكّنهم من تحقيق الأهداف اجتماعياً وسياسياً واقتصادياً وغير ذلك من مناحي الحياة ومتطلباتها!.. وإذا علمنا أنه لا فكر بدون عقل فإننا ندرك أن الإنسان بتكوينه كائن اجتماعي ضمن مجتمع يسعى أن يعيش حياة كريمة بعيداً عن كل المنغصات، وهناك العديد من الضروريات التي يطمح إليها كل إنسان ومنها ما ذكره أفلاطون. المدينة الفاضلة، والقانون العادل، والنظام الحق، والحكم الصالح والإنسان السعيد، لأن هذه العوامل مجتمعة عندما تتحقق من أهم المسائل في حياة الإنسان وهي مرتبطة بفكره وعلمه وأدبه، وفي كل حركاته وسكناته وسائر ضروب النشاط الإنساني لديه.. إنها قيم مهمة في كل العصور. وفي عصرنا هذا تأتي في طليعة مسائل الحياة اليومية لدى الفرد والأسرة والمجتمع، وقد تحققت ولله الفضل والمنّة بتوجيهات سديدة من ولاة الأمر منذ أن وحَّد هذه البلاد الملك عبد العزيز - يرحمه الله - ثم سار على نهجه أبناؤه الملوك رحم الله من مات منهم وحفظ الباري عز وجل لهذه البلاد مليكها المفدى خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز الذي بذل جهده لتكون هذه البلاد في مقدمة دول العالم عدلاً وصلاحاً، ونظام كله خير ومنافع وإنجازات علمية وثقافية وتراثية.
إن ما تحقق من إنجازات حاضرة هو محل اعتزازنا وافتخارنا بقائدنا، وبما أن الحقب المتعاقبة عبارة عن سلسلة متصلة، فإنه يجب ألا تنسينا هذه المنجزات ماضينا العريق وما سطّره الأجداد من ملاحم بطولية في سبيل نصرة الدين ورفع راية الحق في وجه الظلم، إنهم الرجال من السلف الصالح الذين التزموا بالقيم والأخلاق واحترام حقوق الناس وصيانتها والتمسك بالأعراف والعادات والتقاليد التي لا تتعارض مع العقيدة والشرع المطهر، إنهم الرجال الذين ملؤوا الدنيا تضحيات وفتوحات، وهل نسي جيلنا الحاضر الرجال الذين ساهموا مع الملك المؤسس في التوحيد والبناء؟.. إن الزمن الحالي يحتم علينا الاستفادة من تجارب هؤلاء وعدم إنكار قدرات الأجيال السالفة وما حققوه في عصرهم، وتركوا لنا دروساً وعبراً لا يجوز تجاوزها وعلينا الإدراك أن من ليس له ماضٍ ليس له حاضر.. فهل فكر أحدنا بماضيه والذي يرتبط ارتباطاً وثيقاً بمستقبله؟.. إن ذلك يحتاج إلى العقل والفكر والتدبر.