د. عبدالرحمن الشلاش
وغير تقي يأمر الناس بالتقى
طبيب يداوي الناس وهو سقيم
تمثّلت هذا البيت، وأنا أغادر عيادة أحد الأطباء السعوديين المتخصصين في الأمراض الجلدية في أحد المستشفيات الخاصة بعد أن تبددت كل آمالي في الحصول على العلاج المناسب من طبيبنا المحترم!.. أو أي تشخيص مرضي يعيد لي شيئاً من الارتياح ويذكّي في نفسي الأمل من جديد!.. داهمتني حساسية طارئة في الجلد فبحثت عن طبيب مناسب لحالتي فوجدت هذا الطبيب الآنف الذكر بادرت بالحجز وكلي أمل أن أحصل على العلاج الناجع لإنهاء هذه الأزمة الطارئة. حضرت في الموعد المحدد وانتظرت دوري. كنت أتوقع من الطبيب كشفاً دقيقاً لحالتي كأن يوجه لي أسئلة عن الحالة وتاريخها ثم يطلب مني إجراء تحليلات مخبرية، ويجري فحصاً لبعض البقع الحمراء الظاهرة على الجلد وهكذا. بمجرد دخولي للعيادة ذهبت توقعاتي أدراج الرياح، فبعد ثوانٍ من جلوسي على الكرسي قال لي ربما هذه البقع من استخدام الأصباغ، ثم ناولني روشتة كتب فيها مرهماً، وقال: ادهن مكان البقع مرتين في اليوم. حاولت دون جدوى أن أوضح له أن الحالة تحتاج لفحص دقيق، لكنه مع كل المحاولات أصرّ على رأيه مع حالة من الامتعاض بدت على وجهه المكفهر وكأنه يطلب مني مغادرة المكان فليس لديه أكثر من هذه الوصفة الهزيلة، وليس بالإمكان أكثر مما كان!.
لا أخفيكم بأنه قد دارت في ذهني تساؤلات كثيرة حول هذا الطبيب «الذي أحتفظ باسمه والمستشفى الذي يعمل فيه» وهو بالمناسبة من المستشفيات الخاصة المرموقة. تساؤلات عن مؤهلاته وهل هو بالفعل استشاري كما ذكر، وكيف يتعاون مستشفى خاص مع مثل هذه النوعيات الضعيفة؟.. ولأن لدي قناعة ألا أسلّم نفسي لشخص بعينه خاصة فيما يتعلق بالصحة فقد بحثت عن طبيب آخر. المفارقة أن الطبيب الثاني مختلف تماماً ومتميز في تشخيصه، بل إنه نسف كل ما قاله الطبيب الأول ما يؤكد لي أن مهنة الطب تساوي الطبيب تماماً، بدون طبيب متمكن وفاهم وصاحب خبرة عريضة مثل طبيبي الثاني لن تجدي المباني الأنيقة ولا المعدات الطبيبة الحديثة. طبيبي الثاني شخَّص بدقة وحلل وكتب العلاج المناسب وتابع، ولذلك كانت النتائج بعد توفيق الله ممتازة.
أمام الأطباء في مستشفياتنا نقف طوابير وكل مريض وحظه، وهذا ناتج للأسف من سوء الاختيار وضعف المتابعة والتركيز على الربح من المستشفيات الأهلية والضحية في النهاية المريض!.