كشفت دراسة لمركز التراث العمراني الوطني في الهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني أن أكثر من (800) موقع من مواقع التراث العمراني قابلة للاستثمار، وأن (173) موقعًا قابلاً وجاهزًا للاستثمار في الوقت الراهن.
وبيّنت الدراسة أن المسح الأولي لمواقع التراث العمراني بمناطق المملكة أظهر وجود أكثر من (2000) موقع للتراث العمراني، ما بين قرى وأحياء ومراكز مدن تاريخية ومبانٍ.
وقد أطلق مركز التراث العمراني الوطني مشروعًا لحصر وتسجيل مواقع التراث العمراني على مستوى مناطق المملكة؛ وذلك ضمن جهود الهيئة في حصر موارد التراث العمراني، وتنفيذًا لتوجيه صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن سلمان رئيس الهيئة بالاهتمام بتوثيق وحصر وتسجيل مواقع التراث العمراني الوطني وتصنيفها تفعيلاً لنظام الآثار والمتاحف والتراث العمراني.
وأوضح الدكتور مشاري النعيم المشرف العام على مركز التراث العمراني الوطني أنه برزت الحاجة إلى إنشاء قاعدة معلومات وطنية، تمكّن الباحثين والمستثمرين والمهتمين من الوصول إلى المعلومات والوثائق كافة المطلوبة للتعامل مع التراث العمراني، مبينًا أن ذلك سيكون من خلال تطوير نظام مؤسسي، يشارك البنية التحتية الوطنية، ويعتمد على أنظمة برمجية متطورة، تعرف بأنظمة المعلومات الجغرافية (GIS) ونماذج ثلاثية الأبعاد والواقع الافتراضي والمسح الليزري. وذكر أنه سيتم بناء وتطوير تطبيقات، تساعد على توثيق وحفظ ومراقبة وإدارة التراث، وتحديث المعلومات بشكل مستمر، وإنقاذ ما تبقى من التراث العمراني.
وأشار إلى أن الهدف الرئيس من المشروع يتمثل في حصر مباني التراث العمراني في المملكة ومناطقه، كما يشمل نظام تسجيل وتوثيق وتحليل وحماية ومتابعة وإدارة، ونظام متابعة الحالة القانونية، وتفعيل التشريعات والأنظمة والقرارات المتعلقة بذلك الموضوع، وأيضًا يشمل دمج بيانات موارد التراث العمراني مع سجلات التراث الوطني.
وذكر النعيم أنه سيتم التوسع مستقبلاً في هذا المشروع؛ ليشمل قواعد البيانات الخاصة بوزارة الشؤون البلدية والقروية والهيئات والمؤسسات كافة ذات العلاقة التي من شأنها أن تساعد في تحقيق أهداف الهيئة الاستراتيجية، ومنها توحيد قوائم مواقع التراث العمراني، وتقويمها وتصنيفها، وتوفير البيانات والسمات والإحداثيات والصور الفوتوغرافية لها، وإدارة وتوزيع وإيجاد العلاقات بين بيانات التراث العمراني، وتحديث نظام المعلومات الجغرافي بانتظام ودعم عمليات الإدارة والتخطيط في المستقبل، والحد من تكرار قواعد بيانات التراث العمراني وحفظها مركزيًّا، وتحديد معايير حفظ بيانات التراث العمراني وفق الهيكل المناسب، ومراقبة جودة بيانات التراث العمراني، والاستعلام السريع، وتقديم التقارير، ورسم خرائط مواقع التراث العمراني مبانيه إلى جميع فئات المستخدمين.
ويعكف مركز التراث العمراني الوطني على تصميم قاعدة البيانات الوطنية الخاصة بالتراث العمراني بالتعاون مع جهات متخصصة في هذا المجال؛ ليقوم سجل التراث العمراني الوطني بفرز التراث العمراني بحسب مستويات المعلومات: التخطيطي، العمراني، المعماري، والمعماري التفصيلي من المعلومات، وضمن مواصفات معينة. فيما يقوم بمتابعة السجل عدد من الفنيين وباحثي التراث تحت إشراف مباشر من المشرف العام على مركز التراث العمراني الوطني الذي يوجه العمل بحسب الحالة العامة لمواقع التراث في جميع مناطق وأقاليم المملكة.
ويعتمد سجل التراث العمراني الوطني في استيفاء معلوماته على كوادر وطنية، وبمساعدة فنية من أمانات المناطق والبلديات من خلال برنامج «عمران» الذي تم اعتماده مؤخرًا بين الهيئة ووزارة الشؤون البلدية والقروية. وكذلك الجامعات بتطوير برامج التدريب الصيفي الميداني لطلاب كليات العمارة والسياحة والآثار لإثراء مشروع الحصر الميداني؛ إذ يشترك الجميع في جهود المحافظة على التراث العمراني. وسيقوم المركز بربط سجل التراث العمراني مع سجل الآثار القائم حاليًا، وأيضًا مع قواعد البيانات الخاصة بوزارة الشؤون البلدية والقروية؛ ليكون السجل وطنيًّا بامتياز، وفي متناول الهيئات والمؤسسات ذات العلاقة كافة.
ويتكون المشروع من جزءَيْن: الجزء الأول يتعلق بإنشاء قاعدة بيانات للمواقع ذات الأهمية التراثية في المملكة باستخدام نظم المعلومات الجغرافية (GIS) بهدف استخدامها في توثيق مواقع التراث العمراني، وتصنيفها، وتسهيل إدارتها وتسجيلها. أما الجزء الثاني فهو إنشاء قاعدة بيانات تسويقية، تساعد على تسويق مواقع التراث العمراني كمنتجات سياحية.
يُشار إلى أن الهيئة قامت خلال الأعوام الأخيرة باستصدار عدد من القرارات والتعاميم من أجل المحافظة على التراث العمراني، والحد من العبث به، مثل: قرار مجلس الوزراء رقم 66 تاريخ (5-3-1430هـ)، الذي يعالج كيفية التصرف في مواقع التراث العمراني، وتعميم صاحب السمو الملكي وزير الداخلية رقم (86954)، بتاريخ 10-8-1432هـ، الذي يؤكد عدم «إزالة أي مبنى تراثي إلا بعد التنسيق مع الهيئة للتأكد من أهميته التاريخية والعمرانية، والإبلاغ عن أية تعديات أو إزالة للمباني التراثية. وقامت الهيئة بمتابعة التزام الجهات المعنية بتطبيق مقتضيات هذه التعاميم، وألزمت في الحالات المحدودة جدًّا التي وقع فيها تجاوز الجهات المخالفة بإعادة المباني التي أزيلت إلى سابق وضعها، مثل ما حدث في جسر سكة حديد الحجاز بالمدينة المنورة، وبرج النماص بمنطقة عسير. كما قامت الهيئة بمشاركة لجان إزالة المباني الآيلة للسقوط بتقييم المباني المدرجة على قوائم الإزالة، وتم التمكن من إبقاء النسبة العظمى منها، بعد تطبيق المعايير المعدة للتصنيف، وإزالة مواطن الخطورة على المجاورين والمارة، واقترحت الهيئة إعادة تشكيل لجان المباني الآيلة للسقوط، وإضافة مختصين في الآثار والتراث العمراني إلى عضويتها، وتغيير اسمها إلى لجان معالجة أوضاع المباني الخطرة، وصاحب ذلك عمل لقاءات مع الأهالي والملاك والمسؤولين؛ لتوعيتهم بأهمية المحافظة على التراث العمراني. وقد أسفرت هذه الجهود عن برامج تبنتها المناطق للمحافظة على التراث العمراني وتنميته في جميع مناطق المملكة، وتوقُّف شبه كامل لعمليات الإزالة العشوائية.