خالد الربيعان
السَّجِينْ !!
دعوني افترض أنّ شخصاً تجوَّل داخل أحد السجون ! ما فرضية أن يقول هذا الشخص عن أي سجين هناك «هذا السجين سيكون أغنى وأشهر شخص في المدينة» ؟!!! مستحيل ! أليس كذلك ؟!
ليس مستحيلاً ! والدليل هذه القصة التي تستحق أن تكون في 10 مقالات وليس في مقال واحد !
قصة مراهق عمره 16 سنة ، يعشق كرة القدم بجنون ! ، ذهب لاختبارات نادي شيفيلد وينيز داي المغمور ولعب هناك شهرين ولكنهم طردوه ، قالوا له « أنت نحيف جداً ، أي ضربة من أي مدافع ستلقيك خارج الملعب» !
يئس الشاب وقرر اعتزال كرة القدم ! ولم يجد غير العمل كعامل في أحد مناجم الفحم ! كان يعود كل ليلة إلى بيته أسود البشرة بفعل غبار الفحم ، لكن داخله نار مشتعلة ، هي شيء يريد أن يخرج ولكن كيف ؟!!
بعد 8 شهور لم يجد لجنون وإدمان كرة القدم علاجاً ! وذهب لنادٍ في الدرجة « الثامنة» ! اسمه ستوكبريدج وقال لهم أريد أن ألعب كرة القدم بأي ثمن ! لذلك ليس غريباً أن يكون راتبه وقتها 30 جنيهاً استرلينياً في الأسبوع !!
في هذا الوقت كان صديقه الصدوق شخصاً أصم ! لا يسمع ! ذهب معه إلى إحدى الحانات وقام الشباب بالسخرية من صديقه هذا ، ليقوم الشاب بطل القصة بضربهم ! المحكمة حكمت عليه بعد إطلاق سراحه بلبس إسورة في يده لمعرفة تحركاته «إطلاق سراح مشروط مع المراقبة»!
أن يكون في بيته الساعة 6.5 ليلاً !! كان يلعب مع ستوكبريدج المباريات والمدرب والفريق الآخر والجماهير وأهل المدينة: يعرفون أن هذا اللاعب سيغادر الملعب في الدقيقة 60 !! كل مباراة لابد أن يغادر ويُجْرِي المدرب تبديلاً في الدقيقة 60 ! رغم هذا لعب مع هذا النادي 107 مباريات وسجل 66 هدفاً !
بعد هذا لعب في الدرجة الخامسة مع هاليفاكس تاون، ثم مع نادٍ آخر مغمور اسمه فليتوود تاون ! شاهده كشافون عباقرة ! هم كشافو ليستر سيتي ، اشتروه بثمن بخس.. مليون يورو !
تمر الأيام ، ويبلغ الشاب 29 سنة ويكاد مشواره ينتهي في كرة القدم ، ولكن ما حدث هو ما رأيناه جميعاً الموسم الماضي ، 22 هدفاً مع ليستر سيتي ليحقق له لقب البريمرليج ! في معجزة كروية بمعنى الكلمة يتحدث عنها العالم حتى هذه اللحظة !
جيمي فاردي .. دخل موسوعة جينيس لأنه أكثر من سجل في مباريات متتالية في الدوري الإنجليزي 11 هدفاً متتالياً في 11 مباراة ، ليكسر رقم الأسطورة فان نيستلروي! وليسجل هدفه الـ 11 أمام فريق نيستلروي نفسه مانشستر! من 30 جنيهاً في الأسبوع لقيمة سوقية 30 مليوناً استرلينياً !
الآن فاردي هو مهاجم المنتخب الإنجليزي رقم واحد ، أول مباراة رسمية مع المنتخب سجل أجمل هدف لإنجلترا هذه السنة ، في مانويل نوير أقوى حراس العالم ، في مرمى ألمانيا بطلة العالم ، في الإستاد الأولمبي في قلب ميونخ !!
فاردي سجل سيرة حياته في كتاب يحمل اسم «من اللاشيء» أصبح من الأعلى مبيعاً !
قصة جيمي فاردي جعلت لها الصحافة العالمية شعاراً جميلاً .. احفظوه حفظاً ...
«أن تأتى متأخراً .. أفضل من ألَّا تأتِي أبداً» !!
أدخلوها في السينما !
أيضاً يمكنك أن تشاهدها فيما بعد في السينما ! كاتب الثلاثية السينمائية الضخمة «جول» يكتب قصة جيمي فاردي لتكون فيلماً سينمائياً يقوم بدور رانييري مدرب ليستر فيه «روبرت دي نيرو».. جيمي فاردي.. المستحيل الذي تحقق!