د. محمد بن إبراهيم الملحم
تكاملاً مع ما كتبته الأسبوع الماضي حول أزمة التقويم المستمر وأثره العكسي (Fireback) على الجودة التعليمية نتيجة لسوء التطبيق وسعياً على منهجي في زاويتي هذه (صفر واحد) والذي أتوخى فيه تقديم المقترحات أكثر من مجرد النقد (وما أسهله) فإني أحاول هنا وفي بعض المقالات القادمة أن أقدم مقترحات حلول وأشخص بعض الأدوات التي استخدمتها الوزارة كمحاولة لرفع الأداء.
هنا سأتحدث عن برنامج «حسِّن» بكسر السين المشددة، وهو فيما يبدو لي برنامج ألجأت إليه أزمة التقويم المستمر ليمثل نوعاً من الحل، وعلى الرغم من أن وثائق هذا البرنامج لا تقول ذلك صراحة، حيث لا يتم تقديمه كبرنامج يحل مشكلة سوء تطبيق التقويم المستمر إلا أن التحليل المبدئي يشير إلى ذلك، حيث تضمنت أهدافه وأدوار التنفيذ فيه والتي شرحها الدليل الإجرائي إشارات متعددة إلى ذلك، وأهم أهدافه يشير «بتواضع نوعاً ما» إلى الرغبة في الارتقاء بالتدريس والمعلم. وقد بدأت فكرته عام 1430 بعد عشر سنوات من تطبيق التقويم المستمر وهي مدة كافية للشعور بثقل المشكلة والسعي لإيجاد حل ما، وقد تم الإعداد له سواء في جانبه النظري في المحتوى والنماذج أو التقني في البرامج الحاسوبية لنظام نور ونزل للتطبيق منذ عام 1431- 1432هـ أي أنه في الخدمة منذ أكثر من خمس سنوات تقريباً، وهي مدة كافية لنلمس آثار هذا البرنامج الرائع في فكرته، والذي تشي أهدافه برغبة في تحسين العملية التعليمية من خلال عمليات القياس والتقويم المعياري.
البرنامج يقتضي إجراء اختبارات معيارية لعينات من طلاب المرحلة الابتدائية ومقارنتها بنتائج المعلم، وهذا يساعد على الوقوف على مستوى جودة العملية التدريسية ومنها الجزء التقويمي (باعتبار التقويم المستمر جزءًا من العملية التدريسية) ويفترض أن يكون هذا التدخل التربوي قد أحدث فرقاً في أزمة التقويم المستمر، فعند مقارنة نتائجه بنتائج تقييم المعلم فإن التقارب سيشير إلى دقة المعلم في ممارسته التقويمية بينما التباعد سيشير إلى العكس، مما يستلزم تدخلاً علاجياً لذلك المعلم سواء في مراجعة مهاراته التقويمية وبالتالي إلحاقه ببرامج تدريب حسب احتياجاته، أو أن تكون ممارساته التقويمية صورية لا تعكس واقع الطلاب ومستواهم الحقيقي، وهو ما يشير إلى إشكالية مهنية لا خبراتية. وفي كلا الحالين فإن تدخل الإشراف التربوي أو إدارة المدرسة للارتقاء بأداء المعلمين يفترض أن ينجم عنه تحسن في ممارسة التقويم المستمر، وهو ما يفترض أن تنعكس آثاره بملاحظة ارتفاع أداء الطلاب، فهل حدث كل هذا فعلاً؟ وهل تم رصد ذلك؟ سواء كان الرصد علمياً موثقاً بدراسات أو كان كملاحظة عامة نشهدها نحن كأولياء أمور أو المراقبون المهتمون بالشأن التربوي.
لكي أعثر على إجابة لهذا التساؤل المهم فقد توجهت إلى موقع الوزارة، حيث توجد صفحة لطيفة على موقع الوزارة لبرنامج «حسِّن» تضمنت كل ما تحتاجه للتعرف على البرنامج من أهداف وأدلة وفرق عمل وبرنامج زمني وإصدارات ومنشورات، ولكنها خلت من أية دراسات أو تقارير بحثية عن أثر هذا البرنامج ونتائجه، وقد سعدت بملاحظة رابط عنوانه «تقارير وإحصائيات» فظننت أني عثرت على ضالتي لأجده لا يزيد عن معلومة متواضعة حول أعداد الطلاب والمدارس التي طبقت الاختبار في الفصل الثاني عام 1432- 1433هـ!.
إني أعتبر برنامج حسّن أحد الأدوات المهمة لإنقاذ التقويم المستمر، ذلك أنه من الممارسات الدولية في مجال القياس والتقويم كاختبار معياري ويقوم بدور فعال في دول أخرى أحسنت تطبيقه وتوظيفه، فهل أصاب «حسِّن» نفس الفيروس الذي أصاب التقويم المستمر قبله؟.