«الجزيرة» - سلطان المواش:
اختتم وفد من المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية التركي زيارته للمملكة والتي ضمت الدكتور أكرم كلش رئيس المجلس وعدداً من الأعضاء، وتأتي هذه الزيارة نتيجة للتعاون المشترك في مجال الشؤون الإسلامية بين البلدين الذي توّج بالزيارة التاريخية التي قام بها خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز إلى أنقرة في شهر رجب من العام المنصرم 1437هـ. وهي تعكس متانة العلاقات السعودية التركية، والتعاون الكبير المشترك القائم بين البلدين فيما يخدم الإسلام والمسلمين، وما لهذه العلاقة من أثر واضح على بيان سماحة الدين الإسلامي، والوقوف بقوة ضد المحاولات الكثيرة لتشويهه، أو التخويف منه.
وتأتي هذه الزيارة ضمن سلسلة زيارات متبادلة بين الجانبين. فقد سبق أن زار رئيس الشؤون الدينية التركي - الدكتور محمد كورماز - الرياض على رأس وفد كبير من الشخصيات الدينية التركية، كما قام معالي وزير الشؤون الإسلامية والدعوة والإرشاد الشيخ صالح بن عبد العزيز آل الشيخ بزيارة مماثلة إلى رئاسة الشؤون الدينية في تركيا واكبت الزيارة المباركة لخادم الحرمين الشريفين والمنوّه عنها أعلاه. وكانت الزيارة موفقة حققت الأهداف المأمولة منها ولله الحمد.
وقد التقى وزير الشؤون الإسلامية والدعوة والإرشاد الشيخ صالح آل الشيخ، رئيس المجلس الأعلى للشؤون الدينية في الجمهورية التركية د. أكرم كلش، والوفد المرافق له، وتم خلال اللقاء بحث التعاون الثنائي بين وزارة الشؤون الإسلامية، ورئاسة الشؤون الدينية بتركيا في مختلف مجالات العمل الإسلامي، وسبل دعمها وتطويرها، ولا سيما ما يتعلق بتأكيد رسالة الإسلام العالمية، وسماحته ووسطيته، ونشر الدعوة إلى الله. كما زار الوفد التركي سماحة المفتي، وعدداً من أعضاء هيئة كبار العلماء.
وفي سياق زيارة الوفد للمملكة تم الإعداد لبرنامج بين الوزارة والرئاسة التركية يتضمن أوجه التعاون المقترحة وأهمية تفعيلها وتطويرها فيما يخدم العلاقات الإسلامية الدينية للبلدين، ومن ذلك: حماية المجتمعات من الغلو والتطرف. وتوحيد جهود الجهات الدينية في البلدين لوقاية مجتمعاتهم من الأفكار الضالة والفرق المنحرفة، ودعم الجهود الداعمة لتقوية العلاقات الثنائية والمصالح المشتركة واستثمار إمكانات الجانبين الدينية، والاقتصادية، والسياسية، لخدمة وسطية الإسلام وسماحته وجمع كلمة المسلمين ونصرة قضاياهم العادلة. إضافة إلى البحث في القضايا الإسلامية التي تواجه المسلمين عموماً مثل تشويه الإسلام في وسائل الإعلام، وموقف الإسلام من الإرهاب، إضافة إلى الاهتمام ببرامج تعليم العلوم الإسلامية واللغة العربية للأئمة والخطباء والدورات التدريبية لتحسين أدائهم.
كما التقى الوفد بسماحة مفتي عام المملكة العربية السعودية، وأمين عام هيئة كبار العلماء، وجرى خلال اللقاء استعراض أوجه التعاون المشترك بين الهيئة والمجلس الأعلى للشؤون الدينية في تركيا فيما يخدم المسلمين، في البلدين.
وفي ختام الزيارة، أعرب د. كلش، عن شكره وتقديره لخادم الحرمين الشريفين على فتحه المجال الواسع لتطوير العلاقات بين المملكة والجمهورية التركية، فهما دولتان مهمتان للمسلمين في العالم جميعاً، واصفاً هذه الفترة بالفترة الذهبية للعلاقات بين البلدين في كافة المجالات، مشيداً - في الوقت ذاته - بالعلاقات المتينة بين الوزارة ورئاسة الشؤون الدينية في تركيا؛ حيث إنها قائمة على الأخوة الإسلامية، والتعاون الديني، والعناية بالتراث الإسلامي الذي هو من أعظم وأقوى الأواصر بين المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها.
وأشار إلى الزيارات المتبادلة بين الجانبين، وأنها فتحت آفاقاً رحبة لمزيد من التواصل، وتطوير العمل بين المؤسستين فيما يخدم قضايا الإسلام والمسلمين، موضحا أن هناك تنسيقاً مشتركاً بين المؤسستين لمواجهة «الإسلام فوبيا»، وتوضيح الصورة المشرقة للدين الإسلامي الحنيف، خاصة في الدول الأوروبية، وخدمة الأقليات المسلمة.
من جانبه، أكد الأمين العام لمؤتمر وزراء الأوقاف والشؤون الإسلامية في العالم الإسلامي الدكتور زيد بن علي الدكان أن هذه الزيارات المتبادلة بين القيادات الدينية في البلدين اللذين يمثّلان ثقلاً كبيراً في العالم الإسلامي، ويقومان بواجب حمل الدعوة، وإيصالها للعالم، وفق منهج قويم من خلال مئات المساجد والمراكز الدعوية في مختلف دول العالم التي تتبع هذين البلدين، وتنفق عليها بسخاء خدمة الإسلام والمسلمين، مشيراً إلى أن تنسيق الجهود لمواجهة الحملات المغرضة مهم جداً خاصة في هذا الوقت الذي اتسعت فيه رقعة الإعلام، ونقل الأخبار عبر وسائل التواصل الاجتماعي.
ونوَّه الدكان بجهود قيادتي البلدين الكبيرين في دعم هذه العلاقة وتعزيزها، حيث تعيش فترة مميزة سوف تنعكس - بإذن الله - على العمل الإسلامي المشترك، وسوف تسهم في خلق توازن في الجهود لخدمة الأقليات المسلمة في مختلف دول العالم، ونشر وسطية وسماحة الإسلام، سائلاً الله للجميع التوفيق والسداد.
الجدير بالذكر أن زيارة وفد رئاسة الشؤون الدينية بجمهورية تركيا حظيت بزخم إعلامي كبير، حيث تمثّل نقلة كبيرة في العلاقات بين البلدين، فيما يتعلق بالعمل الإسلامي المشترك الذي يأتي في مقدمته مكافحة الغلو والتطرف والخلوص إلى رؤية تخدم العمل الإسلامي الذي يخدم الأقليات المسلمة، ويواجه التحديات خاصة الحملات الإعلامية المغرضة على الإسلام، وكذلك «الإسلام فوبيا»، وتساهم في نشر وسطية الإسلام.