«الجزيرة» - الاقتصاد:
حذر مختصون في سوق العمل من خطورة الانكشاف المهني على الاقتصاد الوطني، وسيطرة العمالة الوافدة على عدد من المهن وبالذات الحرجة منها في سوق العمل، ودعوا الجهات التشريعية الحكومية إلى كسر احتكار العمالة الوافدة لتلك المهن، عبر تبني سياسات وأنظمة لتحقيق الأمان المهني.
وقال المحلل الاقتصادي الدكتور علي التواتي القرشي، إن الانكشاف المهني وسيطرة العمالة الوافدة على المهن الفنية والحرجة يشكّل خطورة كبيرة على الاقتصاد، ويبعث القلق حول شل الحركة في المشاريع والجهات التنموية والخدمية في حال مغادرة العمالة الوافدة المسيطرة على العمل فيها، مشيراً إلى أن المملكة مقبلة على مشاريع تنموية كبيرة مثل المطارات الحديثة وشبكات الكهرباء والمياه والاتصالات ووسائل المواصلات والقطارات، وتحتاج إلى تأهيل فني وتقني عال لشباب سعودي في هذه التخصصات.
وأضاف بأن الجامعات والجهات التدريبية المهنية لم تنجح في تأهيل وإعداد كفاءات وطنية مرجعية ومنافسة في التخصصات المهنية والتقنية، داعياً إلى إعادة النظر في التخصصات الجامعية وربطها باحتياجات سوق العمل وبمؤشرات الانكشاف المهني، والعمل على تحقيق الأمان المهني في التخصصات الفنية والتقنية وتقليل القبول في التخصصات الأدبية والإدارية.
وأكد التواتي، على ضرورة تغيير نظرة وثقافة المجتمع الدونية نحو بعض المهن الفنية، مثل السباكة والكهرباء والميكانيكا، عبر إيجاد سلم وظيفي مجزٍ وحوافز وبدلات مناسبة لمن يعملون في هذه المهن، ورفع شأنها في المجتمع، من أجل جذب الغالبية العظمى من الشباب لهذه المهن، وكذلك دعم ومساعدة الشركات التي تستثمر في هذا النوع من المهن، ومنحها مزايا نسبية وحمايتها من أجل تأهيل وإعداد شباب سعودي ذوي كفاءة عالية في المهن الفنية المتخصصة.
وأضاف: الجهات التشريعية الحكومية يقع على عاتقها إعداد خطط سريعة وواضحة المعالم لمواجهة الانكشاف المهني في سوق العمل، وتوفير كفاءات شبابية وطنية بما يتطلبه السوق في المهن الفنية والتقنية بكل مستوياتها العليا والوسطى والدنيا، وكذلك رفع شأن المستويات الدنيا منها لجذب أفراد المجتمع لتغطيتها بالكفاءات المناسبة.
من جهته قال رئيس مركز جواثا الاستشاري الدكتور إحسان بوحليقة إن الانكشاف المهني في المهن الحرجة بالذات وسيطرة العمالة الوافدة على هذه المهن، سيتسبب في تشوهات عميقة لسوق العمل وللنشاطات الاقتصادية فيه، داعياً إلى كسر طوق احتكار بعض المهن من قبل العمالة الوافدة، عبر تدخل الجهات التشريعية الحكومية ووضع سياسات وإجراءات ملائمة لتحقيق الأمان المهني في تلك المهن، حتى لا يقع الاقتصاد الوطني تحت ضغوط احتكارية وتكتلات مهنية غير منظمة تفرض أسعارها وشروطها على سوق العمل.
وأضاف بوحليقة أن المملكة قطعت شوطاً في استثمار مواردها البشرية لتحصيل عائد في مقبل الأيام، والمساهمة في تزويدها بالمعارف وتطوير مستوى الموارد البشرية الوطنية، ونقل المجتمع من الزراعة والصيد والرعي قبل النفط إلى مجتمع صناعي معرفي بعد النفط، مشدداً على أهمية منح الفرصة للموارد البشرية الوطنية لدخول سوق العمل بشكل فعلي، في الوظائف ذات الإنتاجية العالية والمحورية وعدم السماح لأصحاب العمل بتهميش تلك الكوادر واستغلالهم في برامج السعودة الوهمية.
ودعا بوحليقة، إلى الربط بين توطين الوظائف (السعودة) وبين إحلال العمالة الوطنية محل العمالة الوافدة، والعمل على تبني سياسات وإجراءات تشريعية للحفاظ على الفرص الواعدة للشباب السعودي، ورعاية ما يختزنه المجتمع من قدرات وموارد لإنتاج السلع والخدمات، وإثراء وتنمية المخزون المعرفي، من أجل تحويل مجتمعنا إلى مجتمع معرفي، وتحويل اقتصادنا إلى اقتصاد مُنتج وقادر على المنافسة في السوق العالمية.