د.ثريا العريض
ونحن نراقب ما يحدث للتكتلات الدولية في أوروبا, وأفريقيا, وآسيا, هل حان الوقت لتفعيل تكتل خليجيي؟ والارتقاء في مواجهة مستجدات ضارية الترصد إقليميا إلى كيان فاعل ومتكامل على كل الجبهات؟
بلا شك.. نحن خليجياً أمام تحديات وضغوط لا تسمح بالانفراد في مواجهة خطر التفتيت. ونملك من جوانب القوة إن تكاملنا ما يحفز على تسريع خطط التكامل وتفعيل الإجراءات. لا وقت هناك لإضاعته في عالم متسارع المتغيرات ومتصاعد الضغوط, فلنتوقف عن التنقيب كل على حدة عن أين أخطأنا في الماضي, ونركز على توضيح ماذا يجب أن نفعل لبناء المستقبل الذي نرغبه. الرغبات لا تتحقق بالأحلام، بل بالعمل الجاد على أرض الواقع. وعلينا أن نتبين تفاصيل الأوضاع القائمة لنؤسس مستقبلاً نضمنه بأنفسنا:
اقتصادياً؛ الاعتماد على سواعد ومهارات الغير كان ضروريا لإكمال مشاريع البناء والانتقال من مجتمعات ما قبل العصرنة, إلى دول حديثة تقوم على مؤسساتية متحضرة. ولكن التساهل في تدفق ملايين عبر الحدود حتى قاربوا الـ80 % من الأعداد السكانية في بعض دول الخليج تستهلك موارد هذا المنطقة مالياً, وعينياً, وتضاعف استنزاف الموارد واستهلاك البنى التحتية, وتعرض المنطقة لخطر قلقلة مستقبلية من الجاليات المتسللة إذا تجذرت دون ترشيد. والطريق الآن لمنع تسرب المليارات إلى خارج دورة الاقتصاد أن نعود للاعتماد على تأهيل سواعد وعقول أبنائنا وبناتنا وبناء مهاراتهم. وعلى أبنائنا وبناتنا أن ينظروا للوضع بمواطنة ونضج. لا تتحقق الأحلام بالصراخ والمطالبة بدعمهم مادياً فقط. من مبدأ علّمني الصيد ولا تتكرم علي بسمكة.
سياسياً؛ لوم أنفسنا أو الغير لا يحل مشكلتنا. لنتوقف عما اعتدناه من السماح للغير بتقرير مصيرنا عبر استمرارنا في الثقة المفرطة. قد لا نستطيع التحكم في ما يريده الآخرون لنا في الجوار أو عن بُعد, ولكننا نستطيع التوقف عن التفاعل الذي اعتدناه, وتقبّلنا لهم كآباء أو حماة لن يتخلوا عنا لأننا أوفياء.. في السياسة ليس هناك صداقات أو عداوات دائمة؛ بل مصالح ذاتية. حين تخلّى الأوروبيون عن مستعمراتهم لم يخلفوا لشعوبها ما يبنون عليه. بل ربما لم يهمهم أن يدققوا في النتائج البعيدة للأوضاع الجديدة لهذه المناطق.
اجتماعياً؛ اهتراء قوّة قيمنا سلبنا مصدر تميُّزنا أمام المستجدات، وتآكل إلى تشوّه حوّلها إلى مصدر ضعف ينخر فينا، سمح برفض الآخر لنا وإقصائنا موصومين بالتوحش والتخلف وكراهية الغير. والضعف ليس في انعدام القوة العسكرية, بل انعدام قدرة بناء الاقتصاد واستدامة قوّته ذاتياً. وسيستمر الضعف إن استمر تعامينا, وسمحنا أن يبقى تعليمنا ضعيفاً في العلوم والرياضيات والابتكار، ومليئاً بعلوم تاريخية وسردية تشغل الذاكرة ولا تسمح بالإضافة أو التجديد.
علينا أن نحدد أين نريد أن نكون ونغيِّر الوجهة إليه.. بأنفسنا.
ولنبدأ بالخطوات السبع الأهم للبدء:
1 - تدعيم بناء الشعور بالانتماء عبر تجريم أفعال الإقصاء والكراهية وحماية ومساواة الحقوق الفئوية والفردية.
2 - تقوية أجهزة الأمن الداخلي والخارجي ووضع نظام مشترك لدول التكتل.
3 - تسهيل حركة تنقل المواطنين عبر الحدود في دول التكتل لمساهمة كل الفئات في البناء العام.
4 - إتاحة التدريب للتمكين وتوطين المهارات.
5 - تعديل أوضاع جهاز التعليم، والرقي به إلى بناء قدرات النشء بالمهارات الفكرية والتحليلية والاستنتاجية وتعوُّد العمل اليدوي والتقني، وتكوين طاقاتنا الخاصة من المبتكرين.
6 - تفعيل مشاركة المواطن مباشرة في صنع القرار العام.
7 - استمرارية متابعة ورصد المتغيرات داخلياً وخارجياً للخروج بالقرار من إدارة الأزمات إلى منع حدوثها مسبقا.