رجاء العتيبي
لا أظنه من الأخلاق أن تنقد الوطن بشكل عنيف من أجل أن تقول إني (ناصح أمين), ولا من الحكمة أن تكتب في صحف خارجية تركّز على كل شاردة وواردة عن الوطن لتقول إن ذلك حرية, وليس من الوفاء أن يخوض الوطن حرباً عسكرية وحرباً إعلامية وضغوطات سياسية ثم تأتي لتقول في مقالك إن الثقة بين الوطن والمواطن قد اهتزت, قبل أن تقول إنك تنتقد الوطن نقداً بناء, فيما كل ما قلته بمثابة عمليات هدم لكل قراراته ومؤسساته ورؤاه.
لا يعني أنه قدر لك أن يكون لك (منبر) إعلامي في الخارج, أنك أصبحت بعيداً عن المساءلة الأخلاقية قبل كل شيء, ثم لماذا بعد كتابات متزنة لك إلى حد ما, نراك تكيل لقرارات الوطن وأنظمته ومواقفه بمكيالين, في حين خصم الوطن لا يحظى منك بنقطة سلبية تعرّي فيها مواقفه ضد وطننا.
لا نعلم ماذا تريد بالضبط، ولكن مقالاتك لا تنم عن حس وطني، ولا تنم عن انتقاد بناء، ولا عن رجل يريد لهذا الوطن عزة ورفعة، سوى مهاترات إعلامية تضعك في صف المناوئين للوطن في الخارج، كسعد الفقيه وغيره من المعرفات المأجورة والأبواق الإعلامية الرخيصة.
مقالاتك عبارة عن (قصاصات) تجمعها لحدث ما ثم تبدأ في التعليق عليها من موقف مسبق, يغلف كل كلمة تقولها, تسرد الأحداث ككاتب سيناريو يريد أن يقول شيئاً على هواه, دون أن تنظر في نصف الكأس المملوء, وهذه الانتقائية ليست علمية بالطبع, وهي أهم نقاط الضعف في مقالاتك, يكشفها من يملك أدنى معرفة بالمحتوى الإعلامي.
مقالك يا صاحبي الأسبوعي لن يلقى أي اهتمام طالما أنك تملك وجهة نظر حادة تجاه وطنك، وجهة نظر متطرِّفة لا ترى سوى ما تريد أن تراه، أما الناصحون فمقالاتهم تشع صدقاً وحباً للوطن, ونحن نعرفهم من دون أن يكرروا أنهم (ناصح أمين).
لقد أخطأت الطريق يا صاحبي وبت عوناً للعدو سواء تدري أو لا تدري، تضرب الوطن في عمقه بصورة لا يقدر عليها الخصوم، ولا يخطر ببالهم ما تقول، ثم تأتي وتقول إنك ناصح أمين، وهذا أمر لا يستقيم لرجل يبحث عن الحق، ويسعى للوحدة الوطنية التي تمثِّل لنا هدفاً إستراتيجياً على مر العصور.
يا صاحبي ليس في مقالاتك عمق فكري ولا بعد إستراتيجي سوى نظرة حادة مقصودة لا توازن بين الأحداث، إنها مقالات غير عادلة، لا تشي برغبة في النظر لزوايا كامل المربع، بقدر ما تركّز على زاوية حادة تقول كل شيء من خلالها ما يجعلها غير منطقية بكل ما فيها من تجن على الوطن وعلى رجاله وقراراته.
رفقاً بالوطن يا صاحبي, وقل ما تشاء ولكن كن منصفاً وعادلاً, حتى لا يضيع الحق وسط نقد متكلَّف يضر أكثر مما ينفع.