د. عبدالواحد الحميد
في البيان الصحفي الذي صدر يوم الخميس الماضي عن الاجتماع الأول لهيئة الشؤون الاقتصادية والتنموية لمجلس التعاون لدول الخليج العربية الذي عقد في مدينة الرياض وردت إشارة إلى المسيرة التعليمية في دول المجلس، باعتبار أن التعليم يمثل أحد المحددات الرئيسة للعملية التنموية، حيث نص البيان على ضرورة «الاستمرار في تطوير النظام التعليمي عبر مراحله المختلفة وتعزيز قدرته على تخريج كوادر بشرية مؤهلة».
هذه الهيئة الجديدة تضاف إلى الهيئات الخليجية المتعددة التي تهدف إلى تعزيز التكامل والتعاون بين دول المجلس، وإذا ما تحققت أهداف هذه الهيئة الجديدة فسوف تُسَرِّع بوتيرة العمل الخليجي المشترك، وهي وتيرة بطيئة بالمقارنة مع ما كان يمكن تحقيقه منذ إطلاق مسيرة مجلس التعاون في مطلع عقد الثمانينيات من القرن الميلادي الماضي.
لكن الإشارة إلى تطوير التعليم في أول بيان صحفي يصدر عن الهيئة الجديدة هي لفتة مهمة، لأن جودة التعليم أصبحت هي المحدد الرئيس لموقع أي بلد في الميدان التنافسي الدولي. فدول الخليج تجاوزت معظم البلدان العربية في تحقيق الحد التعليمي الأدنى وهو مكافحة الأمية، لكن المهم الآن تطوير النظام التعليمي كي يصل إلى مصاف الأنظمة التعليمية العالمية المتقدمة.
وإذا تأملنا الخارطة العربية التعليمية نجد أن البلدان الخليجية تفوقت على بلدان عربية ذات تجربة قديمة في تعميم التعليم ومكافحة الأمية. فطبقاً لما أوردته سكاي نيوز العربية فإن قطر التي تدنت فيها نسبة الأمية إلى اثنين وثلاثة من عشرة بالمائة (2.3%) هي البلد العربي الأول في تدني نسبة الأمية، تتبعها فلسطين بنسبة 3.3%، ثم الكويت بنسبة 3.9%، ثم البحرين بنسبة 4.3%، ثم السعودية بنسبة 5.2%، بينما نجد أن نسبة الأمية في المغرب تصل إلى 28%، وفي السودان 24%، وفي مصر 23.7%، وفي العراق 20.3%، وفي سوريا 13.6%، وفي لبنان 8%.
هذه النسب تبين أن دول المجلس تميزت عن العديد من البلدان العربية وتجاوزت مرحلة نشر التعليم ومكافحة الأمية، لكن ما تحتاج إليه في الوقت الراهن بشكل مُلِح وسريع هو إصلاح تعليمي جذري ينعكس على جودة مخرجات التعليم وقدرة الكوادر الخليجية على مواجهة التحديات في سوق العمل.
نريد إصلاحاً تعليمياً نرى تجلياته في نتائج طلابنا في المسابقات الدولية للرياضيات والعلوم ومهارات الحياة، وهي المسابقات التي غالباً ما يفوز بها طلاب من دول تعاملت مع الإصلاح التعليمي بمنتهى الجدية مثل كوريا الجنوبية وسنغافورا وغيرهما. فلعل هذه الهيئة التي ذُكر أن من أهدافها «الاهتمام بجميع الموضوعات والأمور ذات الصلة بالشأن الشبابي وتوفير جميع أوجه الدعم والمساندة للابتكار» تسهم في تعزيز موقع الإصلاح التعليمي على أجندة العمل الخليجي المشترك ووضعه موضع التنفيذ.