فهد بن جليد
من الصعب أن يُصبح أحد مدرساً في فلندا, هذا من أهم أسباب تفوق التعليم فيها على مستوى العالم, فاختيار المعلمين لكافة المراحل الدراسية وخصوصاً (الأولى منها) يتم بعناية شديدة جداً, وحسب الإحصاءات الرسمية لتقرير (التنافسية العالمية) فلا تتجاوز نسبة المقبولين في سلك التعليم الفلندي أكثر من 11 % من الحاصلين على درجة الماجستير, شريطة أن يكونوا موهبين ومتحمسين وشغفوين بالمهنة لمساعدة جيل بأكمله, ولبناء شخصية الطالب هناك!
الفلنيدون يعلمون أولادهم قبل سنة من دخولهم المرحلة الابتدائية في مراكز الرعاية النهارية, حيث يمنح القانون هناك الطفل الحق في التعليم قبل دخول المدرسة, كما أن التلقين مُحرم في العرف التعليمي, لأن الطلاب يقسمون إلى مجموعات تناقش وتتحاور مع المعلم للوصول إلى النتائج واستخلاص المعلومة المطلوبة, ولا توجد اختبارات عامة وعوضاً عن ذلك يتم التقييم من قبل المدرس, ويحق للمدرسة إخضاع 10 % فقط من شرائح الطلاب لاختبارات تقويم الأداء التعليمي في كل مرحلة, المدرسة الفلندية (بيئة جاذبة) للطلاب كون ساعات الترفيه والتسلية والرياضة وبناء الشخصية والبدن أكثر من ساعات الدراسة فيها؟!
تفوقوا على أنفسهم وظروفهم, وكل أنظمة التعليم العالمية كونهم يهتمون بالمحتوى والمضمون التعليمي أكثر من اعتمادهم على (المناهج الورقية) في المواد المدرسية, فقد استبدلوا ذلك بالموضوعات الجماعية والأطروحات التي يقدمها الطلاب ومعلموهم, بعيداً عن الفردية في التعليم, التي تعتمد عادة على الفروق الفردية لكل طالب من خلال استقاء واسترجاع المعلومة المعمول به, في معظم مدارس العالم!
قبل عامين أصدرت وزارة التعليم السعودية (توصيات) بتطوير الكتب المدرسية, وأحجامها وأوزانها لتناسب أعمار الطلاب, ولا تثقل كاهلهم, ولكن منظر طلابنا اليوم وهم يحملون (أرتالاً) من الكتب المدرسية على ظهورهم كل صباح, عند الذهاب إلى المدرسة, يوحي بأن شيئاً لم يتغير, تماماً مثل آلية اختيار المدرسين, وازدحام الجدول المدرسي اليومي..!
مثير جداً أن تتخلى فلندا التي تتربع على عرش تصنيف أفضل الأنظمة التعليمية في العالم عن (الكتب المدرسية), فيما نُصرُّ أن يحمل طلابنا كتباً تتجاوز 25 % من أوزانهم كل صباح؟!
وعلى دروب الخير نلتقي.