إبراهيم الطاسان
اتصفت حملات انتخابات المترشحين الرئاسة الأمريكية بالصراحة من خلال طرح برامجهم التي حاولوا بها جذب الناخبين لصالحهم، بوعودهم بأن يحققوا أهدافاً تلبي رغبة الناخبين، بأساليب الحذاقة السياسية، واللباقة الدبلوماسية. وهم يضمرون خلاف ما يتحدثون إلى الناس به. لذا جرى بين معظم المتابعين لأداء الرؤساء حينما لا يحققون شيئاً أو الشيء القليل مما وعدوا به أثناء حملاتهم الانتخابية. إن تلك الوعود مجرد وعود انتخابية تنسى بمجرد إعلان نتيجة الانتخابات.. بينما الرئيس المنتخب السيد ترامب في كل ما شاهدنا وقرأنا واستمعنا قد تحدث بما نسميه «حديث المجالس» وهو الحديث الذي يتداوله الناس في مجالسهم، فيما يهتمون به ويمس حياتهم، دون أن يرقى إلى أن يكون مطلباً عاماً ينادون به لأي سبب من الأسباب.
الرئيس المنتخب لم يحاول تعظيم ذاته بقدرات ذهنية خارقة، ولا بكفاءة يقصر دونها الآخرون، ولم يعد بما يقع تحت المستحيل.. فقط استل من عامة الناس همومهم ومرادات أنفسهم، فعكسها على وجه المرآة ليشاهدها الجمهور، الذي نسج آماله على ضوء مشاهدته في الحملة الأولية، فوجد الجمهور في عفوية المترشح للرئاسة السيد ترامب أنه من لامس آماله.
لماذا فاز ترامب؟.. لأنه قال رؤيته كرئيس دون مواربة.. هجرة المصانع وراء قلة تكلفة العمالة أدت إلى خمسة ملايين عاطل، وعددهم فقد منزله. ولأنه لم يخفِ احترامه للرئيس بوتن.. لأنه رئيس دولة عظمي رغم علاقة بوتن بإيران التي وعد بتمزيق الاتفاق النووي الإيراني معها.. لأنه مدرك أنه اتفاق استهدف مجد شخصي ولم يكن اتفاقاً يحمى العالم من المغامرات الإيرانية.
أعتقد أن الرئيس المنتحب ترامب - صادق ويعني كل ما قال، إلا أن كونه من خارج الدوائر السياسية الأمريكية. ربما يجهل الكثير عن بعض ما وعد به مثل: مطالبة أوروبا، بحماية نفسها، ومطالبة دول الخليج خاصة المملكة العربية السعودية بدفع ثمن حمايتها، في هذه الجزئية وحينما يتسلم مقاليد الرئاسة ويطلع على ما كان خافياً عليه سواء من داخل البيت الأبيض والخارجية والدفاع والأمن القومي.. ويقف على حقيقة أن المملكة حماها الله ثم حكمة قياداتها التي هيأت للمملكة القدرة على حماية نفسها، وأن الولايات المتحدة لم تحمها بل الولايات المتحدة حمت نفسها بحماية أسواق منتجاتها سواء في الشرق أو الغرب بما فيه المملكة، التي تشترى المنتج الأمريكي من مختلف أنواع الأسلحة، حينها سيتناسى هذه المسألة راضياً بهذه العلاقة الإستراتيجية، لدورها بالانتفاع بالمنتجات الأمريكية ودورها في مكافحة الإرهاب الذي يستهدفها كما يستهدف أمريكا، وبما أن الرئيس ترامب واضح مع نفسه، فلن يكون إلا واضحاً مع الآخرين متى ما بودر بشرح ما خفي عليه.