عمر إبراهيم الرشيد
لم يذكر التاريخ أن أمة هُزمت وهي متوحِّدة، أياً كان حجم تلك الأمة أو المساحة التي تحتلها أو موقعها أو تاريخها. عند استحضار معركة بدر الكبرى أو ملاذ كرد الشهيرة التي انتصر فيها الملك السلجوقي ألب أرسلان على الروم رغم تفوقهم عدةً وعتاداً، وغيرها مما يصعب حصره من الأمثلة، تتجدّد هذه الحقيقة في الذهن ويسمو الإيمان فوق الإرجاف ومحاولات التشكيك. لا يخفى ما تتعرض له بلادنا وباقي دول الخليج من تهديد وما يحاك لها من دسائس، بل من محاولات من هنا وهناك للاعتداء على أمنها، مرات من أعدائها وأخرى ممن جعلوا أنفسهم مطايا لأعدائها لضرب أوطانهم. والحمد لله أن منَّ عليها برجال نذروا أنفسهم للدفاع عن حياضها، وشعوب زادتهم تلك المحاولات للنيل من دولهم يقظة ووطنية.
وبالطبع فلكل أمة عقلاؤها وحكماؤها كما أن لها فئة تسيء بحسن أو سوء نيّة إلى أمتها وشعبها، حيناً عن جهل وضحالة فكر وحيناً عن قصد نفس مريضة تافهة. وعلى كل حال يفترض في أي أمة تمر بأزمة وملمة تهددها أن تكون هذه الأزمة منحة أكثر من كونها محنة، تلجم شهوة الخلافات وترجئ كماليات العيش وتوحّد الصف نحو الهدف الأسمى. في غمرة هذه الثورة الرقمية ينتقل الخبر والصورة والرأي سواء كان صحيحاً أو ملفقاً بسرعة الضوء، فيتلقّفه الملايين ويعيدون تداوله، ويحوّل البعض تلك الأخبار أو الصور أو الآراء والأفكار إلى قناعات أو شبه قناعات، وتتفاوت آثارها إيجاباً أو سلباً حسب وعي المتلقي. فما أحوجنا وخصوصاً في هذه الفترة إلى ترك المهاترات والتصنيفات، أو موافقة أعداء هذه الأمة عن جهل، بسوء تصرف أو حتى سلوك شائن من قِبل البعض مع عرضه على وسائل التواصل، فيفرح كل شامت أو مبغض. لدينا ولله الحمد نماذج وقدوات مشرفة في مجالات عدة، وإنجازات يحق لنا أن نفخر بها، فلنعزِّز حضورها حتى نزيد قوتنا وحفظ الله بلاد الحرمين.