عبدالحفيظ الشمري
البدانة، أو السمنة لدى كثير من الأطفال ربما هي أحدث وأكبر التحديات التي تواجه المجتمع المعاصر، فلم تعد مجرد زيادة في الوزن بشكل غير صحي؛ إنما جاءت على هيئة طرق غذائية سيئة، وعادات أكل خاطئة؛ جلبت الكثير من المخاطر الصحية، وأسست فيما يبدو لحالة من الأمراض والعلل التي قد لا نتخلص منها في الراهن المنظور.
وقبل أن تكون السمنة مشكلة صحية فهي معضلة حضارية يجدر بالجميع التفاعل معها، والحد من تناميها، فمن البديهي أن نسلم بأنها من صنع أيدينا، ومن إفرازات تجاربنا الخاطئة، ولندرك حقيقة أن الأسرة هي من تتحمل تبعات هذه المشكلة التي تفاقمت في عصرنا الحديث بسبب توفر الأغذية وتنوعها، وانتشار المطاعم، ومصانع الأغذية بشكل هائل وغير مسبوق؛ دون ترشيد أو متابعة.
فبدانة الأطفال نشأت حقيقة قبل نحو ثلاثة عقود أو أكثر، ولنكون موضوعيين مع أنفسنا، فإنه يتوجب علينا جميعاً أن نجد مخرجاً، أو طريقة تساعدنا على التخلص من هذه المشكلة الصحية الخطيرة، فلا بد أن يُبحث لها عن حلول مناسبة، ومفاهيم واعية؛ وأن نجعلها هما اجتماعيا، وقضية مصيرية، يستفيد منها الجميع، وتحقق للطفل فرصة مناسبة للتخلص من هذه الأوزان الزائدة، دون أن تسبب له متاعب، ومضاعفات صحية؛ قد لا يستطيع التغلب عليها حينما يرشد ويكبر.
أما إن كانت البدانة أو السمنة لدى الطفل منذ سن الولادة؛ فإنه قد يحال إلى الجانب الوراثي، وهو أمر أو مشكلة تقع على عاتق الأب والأم؛ تتعلق في سجلهم الصحي، أو ربما قد تتناوله الأم على وجه التحديد من علاجات واستطبابات مختلفة؛ ربما قد تؤثر على تكوين الطفل في شهور الحمل، ونموه أثناء الرضاعة.
ولكي نحافظ على صحة الطفل ونحد من ظاهرة السمنة لديه يجدربنا أن نراقب مرحلتين مهمتين؛ هما المنزل والمدرسة، وما يقع بينهما من مغريات غذائية كثيرة، تتمثل في حجم الإعلان الهائل عن الأغذية، ومن الضروري أيضاً أن تتم ملاحظة الأطفال، وصغار السن حينما يتناولون الأطعمة الجاهزة أو المعدة سريعا؛ واستبدالها بأطعمة منزلية مناسبة، يكون للأم دور في تحضيرها؛ من أجل أن تحقق الأسرة توازناً غذائيا مهما؛ يحد من هذا الشره والنهم الذي بات يغزو حياة الأجيال الجديدة.
ومما قد يساعد على نمو الطفل، والمحافظة على صحته، ومكافحة السمنة لديه هو أن يتم اللجوء إلى الرياضة بأشكالها المختلفة، لا سيما الرياضة المدرسية التي يتطلب أن تكون مكثفة، وأن تُعَدَّ بيئتها في مرافق المدرسة إعداداً جيدا، لكي تسمح بممارسة الرياضة بشكل حيوي، وتكون خارج أوقات الدوام الرسمي، وأن يدعى أولياء الأمور مع أبنائهم للاشتراك في مثل هذه الأندية الرياضة المدرسية، من أجل أن نحقق معاً معادلة المتعة والفائدة.