عماد المديفر
كانت جريمة الحادي عشر من سبتمبر جريمة إرهابية بشعة في حق البشرية جمعاء، أراد لها مخططوها الشياطين الأشرار ضرب الشرق المسلم السني بالغرب المسيحي، وخلق جو من الكراهية والأحقاد، وصولاً إلى الاحتراب.. إنها في الواقع البداية الحقيقية لمشروع «الفوضى» ونشر «الإرهاب» في العالم وعلى نطاق واسع.
دائماً ما أكرر بأن العلاقات مع المملكة العربية السعودية الحليف التاريخي والأقدم للولايات المتحدة الأمريكية في مركز العالم العربي والإسلامي؛ كانت هي المستهدف الرئيس لمن خطط ونفذ هذه الجريمة التي أراد لها مرتكبوها أن تقلب واقع العالم لمصلحة قوى الشر وشياطين الإرهاب.. ولم تكن هذه العلاقات لتُستهدف إلا لما تمثله من رمزية للعلاقات الغربية الوطيدة مع قلب العالم الإسلامي الوسطي المتحضر، مهد العروبة ومنبع الرسالة المحمدية، وأرض الحرمين الشريفين.. فهذه العلاقات المتينة عبر التاريخ الحديث، كانت وما زالت رمانة الاستقرار والسلام والوئام في قلب العالم.. وهو ما لا يروق لقوى الشر والإرهاب، التي زجت بعدد من الإرهابيين الذين يحملون الجنسية السعودية داخل هذه الطائرات المدنية المختطفة التي ضربت برجي التجارة العالمي في نيويورك.
لقد كشفت لجان التحقيق الموضوعية المشكلة من الكونغرس الأمريكي تورط مباشر وبالدليل لثلاثي الشر: القاعدة، إيران، وحزب الله.. بل وأكثر، فقد تكشف فيما بعد أن مجمل الإرهابيين السعوديين المتورطين في تلك الهجمات الإرهابية، كانوا قد زاروا إيران قبل أقل من سنة من تنفيذ تلك الهجمات.. كما كشفت وثائق «أبوت أباد» عن الدعم اللوجستي، والتنسيق العميق، بين القاعدة وإيران في جميع تلك العمليات الإرهابية.. وهو ما ينسجم مع ما سبق وكشفته لجان التحقيق في تفجيري السفارتين الأمريكيتين في كل من نيروبي ودار السلام، وأن «التنفيذ من القاعدة، والاستطلاع والتخطيط والدعم اللوجستي قام به الحرس الثوري الإيراني».. وهو ذاته ما تكشف لدى القوات الأمريكية في العراق عام 2005م حين تبين ذلك الدعم اللوجستي الذي تقدمه إيران لما كان يسمى بـ»القاعدة في بلاد الرافدين» والتي أصبحت اليوم «داعش».. بالتزامن مع دعمها للمجاميع الإرهابية الشيعية.. كما كشفت التحريات انتقال الإرهابي «أبو مصعب الزرقاوي» منشئ هذا التنظيم الإرهابي في العراق، من أفغانستان ومكوثه في إيران فيما يقارب السنة، ثم الانتقال إلى العراق.
وكان من نتائج «الحادي عشر من سبتمبر» أن غزت الولايات المتحدة الأمريكية العراق، وسلمته إدارة أوباما -كما يقول دونالد ترامب- على طبق من ذهب لإيران.. وتحت شعار «نشر الديمقراطية في الشرق الأوسط»، الذي ظاهره فيه الرحمة وباطنه من قبله العذاب، سوقت كونداليزا رايس لمصطلح «الفوضى الخلاقة»، وتبنت مشروع «الشرق الأوسط الكبير».
وتم إيهام الإدارة الأمريكية بأنه بدعم واستخدام التنظيم الدولي الإرهابي للإخوان المسلمين ستتحكم بقلوب وعقول الشعوب العربية الإسلامية.. وهو ما تبنته بشكل مباشر إدارة الديمقراطيين عبر الرئيس سيئ الذكر «أوباما».. ففي زمنها خرجت ثورات الفوضى المسماه بـ»الربيع العربي»، وتمددت إيران، وتم إيقاف العقوبات الدولية عنها بداعي «احتوائها»، فازدهر الإرهاب، وكثرت الحروب، وتصاعدت لغة الكراهية.. وعلى الرغم من وضوح نتائج تحقيقات الحادي عشر من سبتمبر، إلا أن إدارة الرئيس أوباما، لم تتعامل معها كما يجب، بل قربت مستشارين على صلة بـ»الإخوان المسلمين» و»إيران» ذوي الصلة الحقيقية بـ»القاعدة» وليقوم هؤلاء بمهمة تزوير الحقائق، والسعي لتبرئة «تنظيم الإخوان المسلمين»، و»إيران» من أي علاقة بـ»القاعدة» أو «داعش» أو حتى «طالبان» كانت قد كشفتها الأدلة الملموسة التي توصل لها المحققون.. ومحاولة ربطهم زوراً بما يسمونه بـ»الأيدلوجيا الوهابية السلفية» التي هي في واقع الأمر منهج علمي فكري وسطي يفند بالحجة والبرهان ركائز الفكر الإرهابي التكفيري المتمثل في فكر البنا وقطب والمودودي وولاية الفقيه والديوباندية الماتريدية الصوفية المتطرفة التي تتبعها «طالبان» على سبيل المثال.
ويثبت العارفون بأن «السلفية التقليدية» هي العدو اللدود لأيديلوجيا الإخوان المسلمين، وللحرس الثوري الإيراني وولاية الفقيه، وجميع الراديكاليات الإسلامية المتطرفة.. وجميعنا يذكر مناقشة السيناتور الديمقراطي «هانك جونسون» لموضوع ارتباط «القاعدة وداعش» بأيدلوجيا ما أسماها «الوهابية».. وما تبعها من إقرار لقانون»جاستا».
اليوم.. سئم الشعب الأمريكي من تلك السياسات المتخبطة، وقالوا كلمتهم بأن اختاروا التاجر الذكي ورجل الأعمال الناجح «دونالد ترامب»، وهو القادم رغماً عن أنف الدعايات السياسية والإعلامية التي كانت تقودها ماكينة الديمقراطيين، والنخبة السياسية الحاكمة، ولوبيات المصالح.
توجهات الرئيس المنتخب «ترامب» في المنطقة واضحة جداً، ومنطقية جداً، ولذا فهي تتفق تماماً مع توجهاتنا، ومنها رؤيته أن: «أوباما سلم العراق لإيران على طبق من ذهب لتعيث به فساداً»، وأن «سياسة أوباما غير الحكيمة تسببت بنشر الإرهاب ولم تحاربه في الواقع»، وأن «سياسة أوباما سبب حالة الفوضى في الشرق الأوسط»، كما أن «الاتفاق النووي مع إيران كارثي تسبب بضخ ملايين الدولارات لتصب في دعم الإرهاب»، لا سيما أن «إيران الداعم الرئيس للإرهاب».. وأن «الإخوان المسلمون إرهابيون».
ترامب له هدف وحيد: «مصالح الولايات المتحدة الأمريكية في المقدمة».. ومصالحها الحقيقية في المنطقة دون شك تتفق ومصالحنا، وهو ما سبق ورددناه كثيرا.. ترامب رجل أعمال يمتاز بالوضوح، ويفهم لغة المصالح، ويهمه أمريكا لا غيرها.. ومصالح أمريكا هي معنا كعرب ومسلمين معتدلين يحبون الخير للبشرية جمعاء.. يحاربون الإرهاب وينشدون السلام والحب والوئام والرفاه، فلتعد أمريكا عظيمة كما كانت.
إلى اللقاء،،،