فهد بن جليد
لا أعرف هل يمكننا وضع ضابط (كضرورة الحصول على ترخيص أو إذن) لمن يتحدثون في المناسبات الاجتماعية، ويعتلون المنابر أمام المئات من الناس للحديث أو الوعظ في قصور الأفراح أو الزواجات أو التجمعات العائلية؟ ألا ينطبق على هؤلاء ما ينطبق على الدعاة وطلاب العلم عند إلقائهم محاضرات أو إقامة دروس علمية في المساجد أو المهرجانات ونحوها؟!.
الإذن من صاحب المناسبة (العريس وعائلته) لارتجال الكلمة ليس كافياً، خصوصاً إنها ليست (قصيدة، أو تعبيراً عن مشاعر) بل هي موعظة تشمل (ترهيباً وترغيباً)، ولا يجب أن ينبري لها كل مجتهد ومتحمس، برأيي أن ننتبه لهذه المسألة، ونخضعها لمزيد من الضوابط الواضحة، وأنا هنا لست ضد الاستفادة من مثل هذه الاجتماعات العائلية والأُسرية الكبيرة، لتمرير رسائل مناسبة لحال كل مجتمع، تزيد من تلاحمنا الأُسري، ولحمتنا الوطنية، وتذكرنا قبل ذلك بالله عزّ وجلّ، وإنْ كنت أعتقد أننا نظلم أنفسنا وأفراحنا كثيراً كونها باتت أشبه بصالات العزاء، يتقدم الناس ليعانقوا العريس في المنتصف، في قاعة يعلوها صمت مخيف، تتوسطها عيون ترقب كل داخل وخارج، لتمطره بسيل من الانتقادات واللوم والحش .. إلخ، فيما آخرون تفرغوا لتقييم ومتابعة تحركات أقارب العريس وكأنهم (لجنة) لرصد الأخطاء وتقييم جودة الخدمة!.
مناسباتنا الاجتماعية تحتاج إلى إعادة ترتيب، علينا أن نعيد فهم (الفرح في نفوسنا)، ليس عيباً أن نتعلم من جديد كيف نفرح؟ كيف نبتسم؟ كيف نرحب بضيوفنا؟ لنجعل من هذه المناسبة والتجمع فرصة للتعبير عن مدى حبنا وتقديرنا للجميع بنشر السرور والبهجة وتبادلها مع الحاضرين!.
هناك حالة من التوتر تصيب أهل المناسبة بمجرد اجتماع الأهل والأقارب والأصدقاء على طريقة (الله يعديها على خير، لا تفضحونا، الله يستر، عطوهم قهوة، طيبوهم، عشو الناس خلوها تمشي.. إلخ) وكأننا ندعوها لنصرفهم، كل هذا لأننا لا نعرف كيف ندير مناسباتنا بالشكل الصحيح، هل هو خوف من الفرح؟ وخشية اللوم أو نشوب الخلافات بين المدعوين بنظام (عيال عمنا ما يجتمعون إلا يتهاوشون) لأي سبب؟ هذه مسائل علينا التخلص منها، لنشعر بالهدوء أولاً ثم بالفرح ثانياً!.
لا يجب أن تنتظر من المدعوين أن يُظهروا الفرح والسرور، وأصحاب المناسبة مُكفهرِّين بوجوه عابسة، لا و(زعولين) بعد أن ما حضرت عشان تتنكد..؟!.
وعلى دروب الخير نلتقي.