د.عبدالعزيز الجار الله
الانتخابات الأمريكية 2016 تقدم للعالم دروسا عديدة في الديمقراطية والشفافية وكيف أنهم حكموا العالم، وتقدم أشياء مستفادة في الإعلام والرأي العام والعالم الواقعي والافتراضي، كان ترامب ممسكا بالإعلام الواقعي والحقيقي وصاغ برنامجه الانتخابي بملامسة الواقع وجعل أمريكا هي أمريكا الدولة العظماء هي صاحبة القرار في العالم، وترك الإعلام الخليط الممزوج في صيغ متعددة من الفلسفات المركبة والثقافة المتجاوزة والمنهجية المحسوبة على الإعلام المضخم والمبالغ، والإعلام الجديد السريع حتى على المواكبة، والمتعدد الذي يفقد التركيز - ترك - هذا النوع من الطروحات لمنافسته هيلاري كلينتون لتعمل في عالم منسوب لفترة قضت وانتهت أو بان فشلها، لأننا أمام طروحات وعالم جديد تجاوز مفهوم الإعلام الجديد الذي بدأ عام 2009م ونتج عنه الربيع العربي أو الحروب الأهلية العربية والتي لو استمر اشتعالها وعدواها لاجتاحت جنوب وشرق أوروبا، لكنها أوقفت الحروب والربيع على حدود ديار العرب.
هذا هو الفارق مابين الرئيس ترامب الذي أمسك بعصب وسائل الإعلام المؤثرة في الرأي العام بكل مكوناته وبين المنافسة كلينتون الخاسرة في الانتخابات وفي الأموال التي خصصت للحملة، والتي عاشت ومازالت تعيش إعلام 2009م الذي تَخَلَّق في الشرق الأوسط بعد حروب أمريكا في أفغانستان منذ عام 2000م وغزو العراق 2003م، وكلينتون غارقة في دوامات عالم الإعلام الخليط الهجين بين الواقعي والافتراضي، ومحو الخطوط الحقيقية واستبدالها بالخطوط الوهمية التي لم يكن لها وجود على الأرض، لذا خسرت أمام منافس جاء لينسف كل الطروحات القديمة وحقبة إغراق أمريكا في المياه الضحلة القريبة والعميقة بالخليج العربي منذ عام 1990م احتلال العراق للكويت ودخول أمريكا عسكريا بالشرق الأوسط، وجعل الإعلام الجيش الثالث بعد القوات المسلحة والعمليات الاستخبارية.
نحن العرب ماذا استفدنا من حقبة الربيع العربي أو الحروب الأهلية العربية (1990- 2016م) من إرهاصاتها الأولى غزو العراق للكويت واحتلال أمريكا للعراق 2003م وحتى الثورات العربية الكبرى عام 2010م التي بدأت من تونس، مصر، ليبيا، اليمن، سوريا ليشتعل العرب بالحروب الأهلية التي لا طائل منها، فقد تحركت الشعوب العربية تحت مظلة الفوضى الخلاقة والشرق الأوسط الجديد والشرق الأوسط الكبير للخلاص من حكومات ظالمة فجاءت جماعات من المغامرين لحكم البلدان كما هو في اليمن جاء المتمرد ومغتصب السلطة الحوثي في اليمن ليجر اليمن إلى الحرب الأهلية والمذهبية المقيتة والضيقة.