حميد بن عوض العنزي
** الاجتماع الأول لهيئة الشؤون الاقتصادية والتنموية بدول مجلس التعاون الخليجي الذي عُقد أمس الأول بالرياض برئاسة الأمير محمد بن سلمان حمل مضامين مهمة، تدعو إلى التفاؤل في توجُّه الدول إلى صناعة تكتل اقتصادي فاعل ومؤثر على خارطة اليوم المضطربة في كثير من بقاعها. ومما يدعو للتفاؤل أن هيئة الشؤون الاقتصادية والتنموية بدأت بإطلاق منهجية مختلفة من خلال خمس أولويات أساسية، تحظى بالاهتمام والمتابعة الفورية، هي اتخاذ جميع القرارات والخطوات التنفيذية التي من شأنها الارتقاء بالعمل الاقتصادي الخليجي المشترك، وتحقيق نقلة نوعية، وكذلك وضع جميع القرارات الاقتصادية التي سبق اتخاذها ولم تنفذ أو نُفذت بشكل جزئي موضع التنفيذ الكامل والسريع، وإجراء مراجعة شاملة للسياسات والبرامج والمبادرات الاقتصادية والتنموية لمجلس التعاون بهدف تطويرها، وضمان كفاءتها، وفاعليتها، وتهيئة جميع العوامل القانونية والهيكلية والمالية والبشرية اللازمة لتطوير البُعد الاقتصادي للعمل الخليجي المشترك، وتوفير جميع أوجه الدعم والمساندة للابتكار ولرواد الأعمال من الشباب.
** ولعل من أهم الأولويات المذكورة «وضع جميع القرارات الاقتصادية التي سبق اتخاذها ولم تنفذ أو نُفذت بشكل جزئي موضع التنفيذ الكامل والسريع». وهذه الأولوية لو تحققت وحدها لكانت إنجازًا مهمًّا؛ فهناك الكثير من القرارات الاقتصادية المقرة من قمم مجلس التعاون، ومع ذلك بقيت معطلة، وكثيرًا ما ناشد اتحاد الغرف الخليجية تنفيذ تلك القرارات. والقرار سيتيح لدى دول الخليج فرصة استثمار كل الأدوات الاقتصادية لخلق تكتل قوي، سواء على مستوى التبادل التجاري مع دول العالم، الذي بلع نحو 1.4 تريليون دولار عام 2013 م؛ لتحتل المرتبة الخامسة عالميًّا من حيث التبادل التجاري. كذلك يمكن استثمار ذلك في إيجاد موقف تفاوضي موحد. وأذكر أن هناك تجربة للشراء الموحد للأدوية، وهي تجربة يمكن أن يقاس عليها واردات أخرى. كذلك لدينا تجربة الاتحاد الجمركي الذي تعثر على مدى 14 عامًا إلا أنه استطاع الانطلاق مؤخرًا بالموافقة على تفعيل دور المنافذ البرية.
** كل ما نتمناه أن توفَّق الهيئة في عملها، وأن تستطيع دول المجلس استغلال الأسس القوية المتوافرة، التي يمكن الانطلاق منها وتعزيزها.. وكل ما نحتاج إليه الإرادة والتنسيق والتكامل وبناء رؤية موحدة طويلة الأمد لبناء تكامل اقتصادي متماسك، يحقق نموًّا متوازنًا، يعود بالنفع على اقتصاديات المنطقة وشعوبها.