ياسر صالح البهيجان
على الرغم من أن انتصار المرشح الجمهوري دونالد ترامب بالانتخابات الرئاسة الأمريكية أتى مخالفًا لتوقعات استطلاعات الرأي التي سبقت يوم فتح صناديق الاقتراع، إلا أن النتائج النهائية أثبتت هيمنة الخطاب المتطرف ورغبة شريحة واسعة من الناخبين الأمريكان في وجود رئيس يحمل أيديولوجيات إقصائية تنسجم مع رؤى اليمين المتطرف الذي بدأ يستحوذ بقوة على مفاصل الحكم في الدول الكبرى كردة فعل إزاء تزايد حالات العنف الذي يشهده عدد من المناطق حول العالم.
عاملان اثنان حسما الكفة لصالح ترامب، الأول ظهر في توظيفه لتزايد أعمال عنف المنظمات الإرهابية المنتسبة للإسلام وتهديدها الصريح للداخل الأمريكي والدول الأوروبية الصديقة عبر تأكيده ضرورة وضع حد للهجرة غير الشرعيّة والتضييق على الجاليات المسلمة، والعامل الثاني يتمثل في ضعف خطاب منافسته الديمقراطية هيلاري كلينتون الذي اتسم بالرسمية وتمييع القضايا العالقة بأسلوب مبتذل لم يعد منسجماً مع التحولات الدراماتيكية التي يشهدها العالم، إضافة إلى فشل الرئيس باراك أوباما المنتسب لذات الحزب في حل العديد من القضايا المفصلية سواء في سياسته الداخلية أو الخارجية.
الناخب الأمريكي ليس مهتما بالخطوات التي سيتخذها ترامب إزاء الصراعات الدائرة في منطقة الشرق الأوسط بقدر اهتمامه بالمشكلات الاقتصادية التي تسحق الطبقة الأمريكية المتوسطة، وطبقة العمّال الكادحين الذين لا توازي مدخولاتهم حجم ما يبذلونه من جهود، لذا يعتقد الناخبون بأن ترامب أكثر كفاءة في الجانب الاقتصادي من منافسته كلينتون بعد أن تمكَّن من جمع ثروة تقدَّر بـ4 مليارات دولار، ما يكشف عن قدرات استثماريّة فذّة منحت المرشح الجمهوري أفضليّة لكسب أصوات الناخبين في الولايات المتأرجحة التي حسمت مصير دخوله إلى البيت الأبيض.
الساسة الأمريكيون يؤكدون بأن الرئيس الجديد لن يخاطر بعلاقات الولايات المتحدة مع الدول الحليفة ومن بينها دول الخليج، بل سيمضي قدماً في حلحلة العديد من القضايا العالقة لاستعادة وهج التحالفات بعد أن خفت بريقها خلال الدورة الثانية من رئاسة أوباما التي طغى عليها سمة الحياد السلبي المتسبب في تفاقم الأزمات، وتحديدا الأزمة السورية التي حقق من خلالها الروس العدو الأول لأمريكا هيمنة مطلقة تتنافى مع السيادة الأمريكية على العالم.
ويشير المحللون إلى أن إيران ستصبح من أكثر الدول المتضررة من تولي ترامب للرئاسة إذ لم يخف امتعاضه من آلية الاتفاق المبرم حول برنامجها النووي والإفراج عن المليارات لدولة ترعى الإرهاب والتطرف وتموّله، ومن المنتظر أن يسهم الرئيس الجديد في صياغة عقوبات تضبط التجاوزات الإيرانية في المنطقة بهدف إضعاف الدور الروسي واستنزافه دون وجود حلفاء يتحملون عوضاً عنه ضريبة التدخل العسكري في مناطق الصراع.