سعد بن عبدالقادر القويعي
على عكس ما أفرزته استطلاعات الرأي الأخيرة، فقد نجح - المرشح الجمهوري - دونالد ترامب في حسم اللقب، وإسدال الستار على ماراثون السباق الرئاسي الذي دخل طورًا جديدًا ؛ ليتم الإعلان عن فوز - المرشح الجمهوري - دونالد ترامب، ويصبح الرئيس الخامس والأربعين للولايات المتحدة الأمريكية، خلفاً للديمقراطي باراك أوباما . - وعليه - فإن القراءة المنطقية في هذه الحالة، يجب أن تدور حول تداعيات هذا الفوز على الخطاب السياسي الداخلي، وعلى السياسات الخارجية الأمريكية تجاه منطقة الشرق الأوسط، وقضاياه الأساسية.
نظراً لما يمثّله منهجه الحدّي من خطورة على استقرار المصالح الاقتصادية، والسياسية الأمريكية، إلا أن خلطته الشخصية غير العقلانية ستتلاشى - بالتأكيد - مع وصوله إلى البيت الأبيض، ولن تتأثر ثوابت سياسات الولايات المتحدة الأمريكية بشخص الرئيس الجديد للبلاد، حتى ولو ألقت بظلالها على المشهد الدولي بصورة كبيرة؛ لأنه سيكون محكوماً بسياسات خارجية موضوعة؛ كونها دولة مؤسسات وفق سياسات مرسومة، وعلى كل شخص يتسلّم البيت الأبيض الالتزام بهذه السياسات، مع ضرورة الالتزام بالمصالح الأمريكية، والتعامل معها على أساس أنها الدافع الأساس لأي تحرك على مستوى السياسة الخارجية.
تخمين السياسات المستقبليَّة للولايات المتحدة تجاه القضايا الدوليَّة، لن يكون سهلاً في متناول محلِّلين سياسيين، إذ يقف العالم - اليوم - مترقباً للمشهد السياسي الأمريكي الذي يحمل بين جنباته الكثير من المتعلّقات، التي قد تلقي بظلالها على المشهد العالمي، فتحالفه مع الكيان الصهيوني، - والرئيس الروسي - فلاديمير بوتين، ودعمه اللا محدود لإسرائيل، والأنظمة الديكتاتورية المستبدة بالمنطقة، بما سينعكس على خارطة تحالفاته القادمة ضد مصالح الشعوب ، - إضافة - إلى مواقفه العدائية من ملف اللاجئين، وأوضاع المسلمين داخل، وخارج الولايات المتحدة، ومعاداة الأجانب، والدعوة إلى المزيد من الانعزالية، وعمق تأثير تنامي تنظيم داعش الإرهابي، سيعزّز - بلا شك - من تنامي ظاهرة الإسلاموفوبيا، وتقوية التطرف في العالم .
العنصر الجديد في التحليل، أنه في ظل تصريحات، ومواقف ترامب العنصرية، والفاشية، والعدائية، والتي تعتبر لعبة قذرة استخدمها؛ لكسب ود اللوبي الصهيوني، فإن المزيد من إشعال فوضى الحرب المستعرة ضد المسلمين من أهل السنة، وقضاياه العادلة، باعتبار أن الإستراتيجية التي تحكم السياسة الأمريكية تقتضي تفتيت الدول العربية؛ الأمر الذي يتوافق مع الخط الواضح بين صعود ترامب، وبقية تيارات اليمين المتطرف في أوروبا - في الآونة الأخيرة -، بسبب تصاعد وتيرة الإرهاب في أوروبا، وأمريكا، ومنطقة الشرق الأوسط.
من خلال النظر لمضامين السياسة الخارجية، فإن محاولة استنطاق التوجهات القادمة لترامب تجاه المنطقة، وتأثيره في الملفات الإقليمية، حتى ولو جزئياً، تستدعي تحقيق مبدأ مصلحة أمريكا - أولاً -، وهو الهدف العام من سياسته الخارجية، وأن المصالح القومية فوق كل اعتبار، إلا أن الكفاح الفلسفي في الحرب الدائرة في دولتي - العراق وسوريا -، ستكون على رأس سلم أولوياته، وإعادة ترتيب الأوراق، والتحالفات في المنطقة، والتي تقتضي التنسيق مع دول الخليج العربي، - وفي مقدمتها - السعودية؛ من أجل إعادة توازنات القوى في المنطقة - بشكل واضح -، والوقوف أمام المحاولات الإيرانية الساعية لدفع المنطقة لحالة عدم الاستقرار، والسيطرة عليها، والعمل على تفكيك شبكاتها الإرهابية العالمية، والمنتشرة في كل مكان، - إضافة - إلى ضرورة إعادة النظر في الاتفاق النووي مع إيران؛ لأنه اتفاق كارثي، - خصوصاً - وأنه هاجم بضراوة كلاً من السياسات الإيرانية، والاتفاق النووي، وأعلن - في أكثر من مناسبة - أنه سيمزّق الاتفاق في حال فوزه، وفرض مزيداً من العقوبات على إيران، ورفضه إعادة العلاقات الاقتصادية، أو الإفراج عن الأرصدة المجمدة منذ أزمة الرهائن الأميركيين عقب الثورة الإيرانية.