د. صالح بن سعد اللحيدان
لعل من أصول تحرير العقل من عوالق النفس وحيثيات الهوى وتبريرات القلب أن أصادق نفسي على كل حال حتى ولو كان ذلك شديداً علي كل الشدة وقوياً علي كل القوة وهو من الصعوبة بمكان.
والشهوة الخفية هي السعي من هنا وهناك لطلب الحاجة الملحه تلك التي تدعو إليها العاطفة ويدعو إليها القلب دون نظر إلى رؤية العقل الحر النزيه .
وساسة العلم وساسة الحضارات منذ أقدم العهود كانوا ينظرون إلى عيوب أنفسهم دون مهادنه قبل عيوب غيرهم كذلك قال المحللون وأهل التحقيق من الذين سبروا غور نشأة العلم ونشأة الحضارة سواء بسواء .
ولعل أسوأ شيء في هذا أن اتباع ميل العاطفة وحب ذيوع الصيت هذا وحده كافٍ ليكون المرء مريضاً ولو أقام ألف دليل على أنه ابن بجدتها .
وكثيراً ما كنت أنبه في بعض الندوات العلمية وكذا في بعض المؤتمرات إلى شيء ذي بال وهو أن يكون المرء على سجيته على حال لا تقبل إلا هذه الحال .
والعلم في أصله موهبة وكذا السياسة والموهبة هنا وهناك لا تجتمع هذه وهذه مع من يريد أو يسعى إلى حب الذات لأنه سوف يتضاءل ولو بعد حين طويل .
أما من أجاد وسدد وقارب فذلك قريع الأيام لكنه قد يجد مشقه لعل من أقلها الغمز واللمز وكذا الحسد لكن خلال فنون متنوعة.
ناهيك أن الذهبي في ( سير أعلام النبلاء ) وكذا صاحب كتاب ( قصة الحضارة ) وكذا صاحب كتاب ( الإنسان ذلك المجهول ) وكذا صاحب كتاب ( بناء العقل ) كل هؤلاء حقيق عليهم أنهم بينوا أن الموهوب من العلماء أو من الساسة سوف يقف في طريقهم قريب أو زميل أو صاحب ( ولا ينبئك مثل خبير ) لكنهم فضلاً من الله يتخطونه ويلزمون الصمت ذلك أن التغافل ثلثا العقل المكين.
ومن هنا أبين في شيء من البسط الخفيف ما يلي:
أولاً/ الحق في أصله اللغوي : الصواب وأصل الكلمة ( ح. ق) على سبيل التنكير.
ثانياً/ الحق أصابة المراد من خلال الحكم أو النظر أو الاجتهاد غير المعارض على وجه مطلق.
ثالثاً/ الحق إنزال النظر حساً ومعنى على واقعه لا يحيد عنها شبراً حتى يرد الحق إلى صاحبه ممن أخذه منه بجور أو ظلم إذا كان من له الحق ضعيفاً أو عاجزاً أو لا يحسن حفظ الحق الذي له.
رابعاً/ الحق في أصله كل لا يتجزأ وإن اختلفت الحقوق بين الخلق فإنما أقصد أن المراد هنا ذات الحكم لإيصال الحقوق إلى أهلها لا سيما وذات الحكم صعب جداً في حال عدم وجود الموهوب القوي التقي.
خامساً/ الحق بيان الأمر بدليله الناهض لا يحيد عن هذا طرفة عين حتى ولو على ذاتك أو ما بين يديك .
سادساً/ الحق عن عامة أهل اللغة مصدر بلازم الألف واللام فهو هنا مستغرق لكل حق ينشده صاحبه.
وقول العرب ( حق أبلج ) و ( الحق أبلج ) إنما يراد بذلك تمام الوضوح للوضوح فقط لأن هناك من يعدد الحق بذاته لا بأنواعه وهذا غلط كبير.