محمد عبد الرزاق القشعمي
بُعيد رحيل الشاعر عبدالرحمن بن محمد المنصور إلى رحمة الله يوم الثلاثاء 19 صفر 1429هـ الموافق 26 فبراير 2008م بالأحساء، أقام مركز حمد الجاسر الثقافي بالرياض ندوة تأبين له وللشاعر عبدالله الجشي صباح يوم الخميس 26 ربيع الأول 1429هـ الموافق 3 إبريل 2008م ، شارك في الندوة الأساتذة: عدنان العوامي وخالد الجريان ومحمد القشعمي، وقد تناول كل واحد منهم سيرة ونماذج من شعر الراحلين، وحضر المناسبة عدد كبير من رواد الخميسية من أدباء وأكاديميين وطلبة العلم ، وقد كان من بين الحضور معالي الدكتور عبدالعزيز الخويطر – رحمه الله – فطلب المداخلة وتحدث عن المنصور حديث العارف بمسيرته العلمية أثناء الدراسة بالقاهرة من عام 1367هـ الموافق 1947م وحتى عام 1372هـ الموافق 1952م .
قال الخويطر: إنه رافق المنصور أثناء الدراسة وسكن معه في غرفة واحدة في دار البعثات السعودية بالقاهرة والتي كان يديرها المربي والأديب عبدالله عبدالجبار. وأنه كان يستغرب من زميله المنصور الذي كان يقضي ليله بالقراءة، ولا ينام إلا مع طلوع الفجر، وأن الخويطر يذهب للجامعة وزميله نائم. وكانت أغلب قراءاته في كتب الفلسفة والتي كان يشتريها من سور الأزبكية حيث الكتب المستعملة أو يستعيرها من مكتبة الجامعة، وأنه لا يحضر محاضرات الجامعة إلا نادراً ومع ذلك تجده بعد نهاية الامتحانات مع أوائل الناجحين – بجامعة الأزهر حيث نال شهادة الليسانس في الفلسفة والشريعة – وشهادة الماجستير من جامعة عين شمس في التربية وعلم النفس، وأنه قد ساهم مع المجموعة التي تحضر لإصدار مجلة اليمامة والملتفة حول الشيخ حمد الجاسر، وأن مشاركاته في أعدادها الأولى من قصائد ومقطوعات مهمة كان لها صدى قوياً، وذكر منها قصيدته التي نشرها في العدد الأول من مجلة اليمامة الصادرة في شهر ذي الحجة 1372هـ والتي تحمل عنوان: (أحلام الرمال)،والعدد الثاني من المجلة الصادر في شهر المحرم 1373هـ بعنوان: ( الأصدقاء ) وقصيدة (الشبح المذعور) في العدد الأول من السنة الثانية من اليمامة لشهر المحرم 1374هـ، وقصيدته الرابعة في العدد الثاني من سنتها الثانية لشهر جمادى الأولى 1374هـ بعنوان: (حرمان) مهداة إلى أخي الكريم عبدالعزيز بن معمر، وأن هذه القصيدة قد أهداها للمعمر بعد عودة المنصور للمملكة واستقراره بالمنطقة الشرقية وبداية عمله في مصلحة العمل والعمال بالدمام.
وقال الخويطر: إنه بعد عودته من المملكة المتحدة حيث استكمل دراسته وحصل على الدكتوراه استمرت علاقته بصديقه وزميله المنصور وإن كانت متقطعة بسبب انشغال كل واحد منهم بعمله وبعد المسافة بين الرياض والدمام.
وقال: إنه خلال دراستهم بالقاهرة كانوا يأتون في العطل إلى المملكة أو يذهبون لزيارة معارفهم في العراق والكويت. ومن بين هذه الزيارات كانت للشيخ سليمان المحمد الذكير في البصرة حيث كان يدير أعماله التجارية الواسعة، وكان يعمل لديه شخص نبيه وشهم كثيراً ما يرونه يؤدي عمله بمحبة وإخلاص، وكان يرافقهم في جولاتهم ويعرفون منه معلومات يجهلونها، وبعد مغادرتهم البصرة سمعوا بوفاته، فكتب فيه المنصور شعراً. ذكر منه بعض الأبيات، وناولني –الخويطر- الورقة في نهاية الندوة وإذا هي بخط يده يقول فيها:
«أبيات قالها الأخ عبدالرحمن المحمد المنصور يرثي فيها ابراهيم الجوهر من موالي آل الشبل الذي عاش آخر حياته في بيت الشيخ سليمان المحمد الذكير في البصرة، فلما توفي دفن في الزبير».
طيب الله في الزبير ضريحا
حله المولى والذخيرة جوهر
جوهر أنت طارفي وتليدي
يا سليل الأباة من آل بربر
تحمل القرطاس في الصباح وتغدو
كم أمور حللتها لفقير
وجهود بذلتها ليس تنكر
عنتر أنت في الشدائد دوما
ولقد كنت في الكتابة عنتر
والآن وقد مر على وفاة المنصور تسع سنوات، فتذكرت هذه المداخلة من الخويطر المليئة بالوفاء لزميله المنصور.. وقد عثرت على الورقة التي سلمني إياها، ومن باب الوفاء للاثنين يحق لنا أن نذكرهما ونترحم عليهما.