سمر المقرن
كل هذه القصص التي تنشرها وسائل الإعلام حول الجرائم الدامية، خصوصاً التي تحدث في محيط الأقارب، هي صادرة عن أشخاص مدمنين للمخدرات، وقد يظن الناس أن الإدمان على المخدرات يصل ببعضهم إلى حد جريمة القتل وهذا صحيح، لكن كثيرون لا يعلمون لماذا هو وصل إلى هذه الجريمة؟!.
المدمن على المخدرات يُفكر بطريقة مختلفة، والإدمان على هذه المواد بما فيها الأدوية النفسية يجعل صاحبها يدخل في هلوسات ويعيش داخل قفص مغلق عليه مكوناته هي الكذب، المدمن لا ينظر إلى ما يدور في مخيلته على أنه كذب، بل يعيش الكذبة بتفاصيلها ويقتنع بصحتها، فمن يقتل شقيقة مثلاً دون أن أعرف أي حيثيات عن القضية سوى أنه مدمن، فهناك بلا شك سيناريو صنعه المدمن في مخيلته مربوط بخيوط كذب طويلة أوصلته إلى هذه الجريمة.
ولعل تلك الفتاة التي أشتهرت على سناب شات والتي تعيش في أمريكا وتختلق كل يوم سيناريوهات كاذبة ترويها عمّا تعرضّت له من الظلم والتعسف والعنف الأسري، وجدت للأسف تعاطف من -بعضهم- كل هذه القصص هي هلوسات كاذبة وصلت لها مخيلتها بسبب الإدمان. هي وغيرها من المدمنين لا يعلمون أنهم يعيشون في كذبة، بل هم مؤمنين بأن ما يتخيلونه ويقولونه هو صحيح وقد حدث معهم بالفعل.
بعض الناس يُبرر لماذا هذا المدمن أو تلك المدمنة يتجنوّن على أسرهم وأهاليهم وأقاربهم بتشويه سمعتهم أو حتى بالوصول إلى مرحلة القتل؟.. والجواب بكل بساطة أن المدمن لا يشعر بأنه يتجنى على أحد لأنه يعيش الكذبة ويشعر بتفاصيلها على أنها حقيقة. أضف إلى ذلك أن من يصل إلى مرحلة الإدمان يُصبح لديه عداء شديد يصل إلى العدوانية تجاه كل من يحاول إصلاحه أو علاجه وإن كان والديه، ولعل الشواهد على جرائم قتل الآباء وإن لم يُذكر أنها صادرة عن مدمنين، فأنا على يقين بأن الجاني لا بد أن يكون مدمن على المخدرات أو الأدوية النفسية والتي هي في مكوناتها أيضاً مخدرات.
من المهم أن يتيّقظ الناس لخصائص المدمن وطريقة تفكيره، ولو أن كل أسرة أدركت حجم الخطر الذي ليس على المدمن وحده، بل على الأسرة والمجتمع، لما تساهل بعض الأهالي في التستر على المدمن خوفاً عليه من أن يخضع للعلاج، لأن علاجه وحبسه فترة إلى أن تنظف السموم من جسده ومن ثم محاولة تأهيله للحياة الطبيعية وهي المرحلة الأصعب، كل هذا يدخل في الخطوات الصحيحة لتدارك الأخطار المضاعفة التي قد تحدث فيما بعد، أما فكرة عيب نفضح ولدنا فإن علاجه ليس فضيحة لأنه لو لم يحدث هذا فهو من سيفضحكم.