سلمان بن محمد العُمري
مع وجود وسائل التواصل الاجتماعية وتعددها أصبحت الأخبار المتداولة من خلالها لا مكان لها من التأكد ولا للتثبت. والأدهى والأمر أن الكثيرين من المرسلين عبر الوسائط الاجتماعية وناقلي الموضوع برمته أو رابطه لم يقرأ المادة المرفقة والمرسلة واكتفى بالعنوان، وقد يجتهد بعضهم من أصحاب «الحرفنة» بأن يغير العنوان أو شيئاً من المقدمة، وهذا الأمر لا يقف عند حدود الأخبار المهمة والتي تؤثر على أمة وليس على أفراد بل شمل أيضاً لموضوعات دينية وأحكام شرعية، وانسحب أيضاً على قضايا اجتماعية وأحداث تاريخية وشيئاً من واقعنا، بل وأصبح البعض جهلاً واجتهاداً ينشر أحاديث مكذوبة عن الرسول - صلى الله عليه وسلم - بغية الخير مرغبة في الأجر والثواب، وينسب للسلف الصالح وللمشايخ المعاصرين ما لم تقل حتى في الأحلام، ومنهم من ساير أصحاب الشائعات والمزورين بنشر وثائق مزورة يراد بها إحداث الاضطرابات والقلاقل والمحن والفتن والسوء بالبلاد والعباد.
ولقد حذر البعض من هذه الرسائل، وأن الأعداء المتربصين سوءاً ببلادنا قد يعمدون إلى دس الرسائل الكاذبة، وكذلك أصحاب الفرق والملل والنحل يعمدون - أيضاً - إلى الكذب والتزوير والبهتان باعداد رسائل ونسبتها إلى العلماء ويختارون ممن لهم القبول عند أهل السنة فلا يقال قال العلماء بل ينسبون الفرية الكاذبة إلى اسم محدد حتى تجد الرسالة رواجاً وانتشاراً عند من لا يتثبتون، ومن المؤسف - أيضاً - أن هذه الرسائل تفسد على الناس دينهم ووحدتهم ومعاشهم ودنياهم، فهناك من يجتهد ويرسل رسائل عن علاج شعبي لأمراض معينة وخلطات يقدم اشخاصاً شفوا من هذا المرضى، وينخدع الناس وخاصة المرضى بهذه الأخبار فتتضاعف أحوالهم وتزداد معاناتهم، والمرسل بحسن نية يرسل ما يتلقاه إلى كل المضافين عنده جماعات وأفراداً، ودونما تأكد من مصداقية هذه المعلومة وصحتها.
وإلى جانب الأخطاء في حق الدين والوطن والمجتمع، هناك من الرسائل ما قد يكون فيها إساءات لأفراد بعينهم أو بلدة أو شركة بإرسال رسائل غير دقيقة بل وملفقة وفيها إضرار بسمعة فرد أو جماعة وإساءة له وطعن في الأعراض والمصالح، وإذا كنا نعيب هذه الظاهرة العامة فإننا نتعجب حينما ينساق بعض من يحسن الظن بهم ويتوقع منهم التعقل والأناة والتثبت دونما انسياق خلف الشائعات حينما لا يكتفي فقط باعادة الرسائل عبر الواتساب، وعبر التويتر بل يوثق الكذب والمعلومة المغلوطة حينما «يتميلح» عبر ما يسمى بالسناب شات ويعزز الخبر والمعلومة المغلوطة ويصبح كالسوقة.
ويقول كما قال غيره أثبت العلماء، وأكدت الدراسات، أو مصادرنا الخاصة، والأبحاث العلمية. والأدهى والأمر حينما يردد أحاديث مكذوبة أو ضعيفة منسوبة للرسول - صلى الله عليه وسلم -، ويقول أيضاً بأن الشيخ فلان - رحمه الله - أفتى بكذا وكذا، وهو لم يقرأ المعلومة من كتب الشيخ ولم يسمعها مباشرة أو عبر تسجيل صوتي أو مرئي إنما انساق مع الناس فأصبح كالببغاء يردد بلا وعي.