خالد بن حمد المالك
بدأت وهي تلقي كلمتها إثر خسارتها للانتخابات الرئاسية حزينة ومحبطة وتكاد مع زوجها والمحيطين بها أن يذرفوا الدموع في جو ساده الشعور بأن فرصة كانت بين الأيدي طارت في غمضة عين.
* *
وما كان أحد يتوقع أن تخسر هيلاري كلينتون فرصتها في السباق إلى البيت الأبيض وسط إجماع على أنها دخلت المنافسة دون أن يكون الرئيس ترامب الذي خطف الفوز بأعجوبة وباكتساح كبير منافساً لها.
* *
وفي كلمتها العاطفية، بلغتها الجميلة، لا بد وأنها قد أثرت حتى في تعاطف خصومها معها، وإن كان أجمل ما في خسارتها أننا ودعنا الحقبة (الأوبامية) التي أظهرت الولايات المتحدة الأمريكية وكأنها دولة صغيرة لا الدولة الأولى في العالم.
* *
فقد كنا نريد من واشنطن أن تكون لها هيبتها ومهابتها، وأن تكون سنداً للحق والعدل والإنصاف، وألا تنكفي على نفسها، وكأن ما يجري في العالم من إرهاب وحروب وقهر وظلم لا يعنيها، إلا بقدر ما يمس مصالحها فقط.
* *
لقد كانت السنوات الثماني في قيادة أوباما للولايات المتحدة الأمريكية وللعالم، سنوات ساعدت على الحالة المؤسفة التي نمر بها الآن، بسبب تردده وإصراره على إخلاء الميدان لدول ومنظمات أخرى كي تعبث بأمن بعض الدول واستقرارها.
* *
فلو أنه لم يسحب القوات الأمريكية من العراق، قبل أن يطمئن على أن إدارة البلاد ستكون بأيدي أبنائها المخلصين، لما رأينا احتلال إيران لمفاصل الدولة العراقية، ولو أنه كان حازماً في التعامل مع برنامج المفاعل النووي الإيراني، لما كان هذا التمرد الإيراني على القرارات الدولية، وتدخلها الوقح في الشؤون الداخلية لدول المنطقة.
* *
وفي شأن آخر، هل كانت سوريا ستصبح كما هي عليه الآن من احتراب لولا أن الرئيس أوباما ترك لروسيا وإيران وحزب الله أن يعبثوا بها قتلاً وهدماً وممارسات لا إنسانية، بينما كان عليه أن يتدخل مبكراً لإيقاف هذه المجازر قبل أن يكون التدخل الأمريكي مستحيلاً.
* *
السيدة كلينتون لو نجحت في حملتها لسارت كما عبرت في كلمتها - ولو بشكل غير مباشر - على خطى سياسة أوباما مؤكدة بذلك ما ظلت خلال حملتها تؤكد وتصر عليه، وهو -ربما- ما كان ضمن أولويات أسباب فشلها في الوصول إلى سدة الرئاسة للدولة الأعظم.
* *
كثيرون تعاطفوا معها، وتأثروا بكلماتها، وسادهم شيء من التجاوب مع دموعها التي حاولت أن تحبسها بين مقلتيها، لكنه قد يكون من المصلحة لأمريكا ولدول العالم، أن تشهد الولايات المتحدة الأمريكية رئاسة جديدة بتوجهات وسياسات مختلفة خلال السنوات الأربع القادمة.
* *
وأمام ترامب الآن مسؤوليات كبيرة ومهمة، فاستحقاقات الرئاسة غير استحقاقات الترشح لها فقط، وما كان يطرحه من التزامات ووعده بأنه سيحققها فيما لو نجح، عليه أن يعيد النظر في كل ما كان محوراً في خطاباته إلى الأمة الأمريكية، فبعضها لا يخدم أمريكا ولا العالم، وهناك مما لم يلقه وهو مهم، وعليه أن يضعه ضمن اهتماماته، وإنجازاته خلال فترته الرئاسية.