د. ناهد باشطح
فاصلة:
((لا جماهير من دون قائد كما لا قائد من دون جماهير))
- جوستاف لوبون -
فوز «ترامب» برئاسة أمريكا نسف كل التوقعات، وأثبت أن وسائل الإعلام مهما حشدت من جهود فإن سلطة الجماهير تكون أقوى.
نظريات التأثير الإعلامي كالرصاصة أو دوامة الصمت، أو تحديد الأوليات جميعها لم تقنع الجمهور الأمريكي بتغيير رايه، إنما يؤكد أن نظرية الأشباع التي تقول إن الجمهور هو الذي يحدد نوع المضمون، فوسائل الإعلام لا تتعدى تلبية حاجات ورغبات الجمهور هي التي ظهرت في تفسير نتائج الانتخابات الأمريكية.
إذن تظل سلطة الجمهور هي القوية مهما بلغت سلطة وسائل الإعلام.
فوز «ترامب» أعطى دلالة واضحة على أن وسائل الإعلام لا يمكنها التأثير على الجمهور بشكل كامل، فقد كانت وسائل الإعلام تتوجه برسائلها السلبية عن «ترامب» إلى الجمهور الذي فاجأها وانتخب «ترامب»، معلنة هذه الجماهير عدم تأثرها برسائل وسائل الإعلام التي كانت تحثهم ضمنياً على النفور من «ترامب» عندما تنشر فضائحه.
الجماهير لها سلطة ليس لأنها قوية أو منطقية ولكن لأنها سريعة التأثر، ذلك ما حدث عندما غضبت الجماهير الفرنسية (إبّان الثورة الفرنسية) واحتشدت أمام دار البلدية في 5 أكتوبر 1789، مطالبة بـ»الخبز»، وحين سمعت الجماهير صوتاً ينادي «إلى القصر»، تحولت نحوه من دون أي تفكير أو نقاش، وكادوا يقتلون الملك والملكة في تلك الليلة.
في سيكولوجية الجماهير التي اهتم بها «جوستاف لوبون» غلب الجانب السلبي على تحليله للجمهور وسطوته على الفرد ربما بسبب تأثره بالفترة التي عاشها في فرنسا أيام الثورة الفرنسية، فهو يرى أن الجماهير مسلوبة التفكير، لأنها ترفض الأفكار أو تقبلها كلاً واحداً، من دون أن تتحمّل مناقشتها.
والجماهير عادة متطرفة حادة في التعبير فلا تعرف غير العنف في التعبير عن مشاعرها.
الجماهير هي سيدة الموقف، وسلطتها تفوق أي سلطة ومشكلتها أنه لا يمكن التأثير عليها بسهولة رغم محاولة وسائل الإعلام خداع الجمهور أحياناً، وقد تنجح لكنها في الانتخابات الأمريكية لم تنجح.