جاسر عبدالعزيز الجاسر
لم يكن معظم قادة الحزب الجمهوري الذي أعاده دونالد ترامب إلى البيت الأبيض بعد معركة انتخابية ضارية يتوقع أن يفلح تاجر العقارات فيما فشل بتحقيقه دهاقنة السياسة من قادة الحزب الجمهوري من أمثال السانتور جون مكين وزميله السانتور توم روني اللذين عجزا عن إلحاق الهزيمة بالرئيس الديمقراطي المنتهية ولايته.
ترامب الذي لم يكن حتى أغلب قادة الحزب الجمهوري واثقين من فوزه، بل إن بعضهم قد تخلى عنه وابتعد الكثير منهم حتى تجنبوا ذكر اسمه في حملاتهم الانتخابية في انتخابات أعضاء الكونغرس وحكام الولايات، إلا أن تاجر العقارات والذي لم يخض في السابق أي نشاط سياسي ولم يسبق له أن شغل منصباً حكومياً فاجأ الجميع وتفوق على الخبيرة السياسية والقانونية والمحامية هيلاري كلينتون حاملة أعلى شهادات القانون «الدكتوراه» وخامس أفضل محامية في أمريكا، وزوجة رئيس أمريكي سابق يعد واحداً من أفضل الرؤساء الأمريكيين وأكثرهم شعبية، ووزيرة خارجية سابقة وسناتور سابق في نيويورك، كل هذه الخبرات تهاوت أمام إصرار وعنفوان ترامب ورغبة الأمريكيين في إحداث التغيير وعدم استمرار عهد وسياسة أوباما. ولهذا فإن العديد من المحللين السياسيين يعدون الرئيس المنتهية ولايته براك أوباما هو الخاسر الأكبر في هذه الانتخابات، والتي أكدت نتائجها سواء اختيار الرئيس القادم أو أعضاء الكونغرس والحكام، بأن الأمريكيين لم يرغبوا في استمرار عهد أوباما عبر هيلاري كلينتون، وزاد على ذلك بالحفاظ على سيطرة الحزب الجمهوري على مجلسي النواب والشيوخ جناحي الكونغرس الأمريكي ليتربع ترامب على الرئاسة الأمريكية معززاً بسيطرة مزدوجة للسلطتين التنفيذية والتشريعية، وهو ما يمكنه من إزالة آثار حكم أوباما الذي استمر ثماني سنوات.
والآن بعد مفاجأة ترامب أخذت الدول تحسب مكاسبها وخسائرها السياسية والاقتصادية والاستراتيجية، ومع أن أمريكا دولة مؤسسات ولا يمكن أن تتغير سياستها بمجرد وصول رئيس آخر، إلا أن المحللين يرون أن انتخابات الثلاثاء أحدثت تسونامياً وزلزالاً في أمريكا، فالرئيس الجديد يعزز قوته مجلسا النواب والشيوخ اللذان سيدعمانه بقوة في إحداث التغيير الذي ينشده، وبالتالي فإن الدول والأنظمة التي استفادت من حكم أوباما أخذت تشعر بالخطر من أن يغير ترامب ما حققته مع سلفه أوباما، ويأتي نظام ملالي إيران في مقدمة هذه الأنظمة، خاصة إذا ما نفذ ترامب وعده بأن يمزق الاتفاق النووي المعقود بين الدول 5+1 ونظام طهران، وهو يحرج حكومة روحاني ومرشده خامنئي ويكشف عورتهما أمام الشعوب الإيرانية التي ستعاني مرة أخرى من الإجراءات العقابية التي سيتخذها ترامب تجاه النظام في ظل مواصلة دعم الإرهاب والتحايل على ما جرى الاتفاق عليه في معاهدة وقف الأنشطة النووية، كما أن إدارة ترامب ستكون على عكس إدارة أوباما المتخاذلة والتي أدت إلى تقليص نفوذ أمريكا في أكثر من منطقة ومن أهمها منطقة الشرق الأوسط، إذ إن النبرة الأمريكية ستكون عالية في مواجهة غطرسة إيران في سوريا والعراق ولبنان وحتى اليمن والتصدي للتمدد الروسي حتى وإن بارك بوتين فوز ترامب.