محمد بن عيسى الكنعان
نحن القرامطة حركة باطنية، تنتسب إلى حمدان بن الأشعث ويلقب بـ(قرمط)، الذي ظهر في العراق عام 258هـ، ونشر دعوته في أرجاء الكوفة عام 278هـ وبنى حولها دارًا سماها (دار الهجرة) لجمع الأتباع. أفكار الحركة وعقائدها مستمدة من اليهودي ميمون بن ديصان (القداح)، الذي ظهر عام 276هـ والتقى بقرمط مظهرًا التشيع لآل البيت الكرام. وقد تحولت حركتنا (القرامطة) إلى دولة تسيطر على أراضٍ عديدة زمن ضعف الدولة العباسية في نهايات القرن الثالث الهجري وبدايات القرن الرابع الهجري، على يد الحسن بن بهرام (أبي سعيد الجنابي) عام 286هـ.
نشتهر بـ(أبي طاهر الجنابي)، سليمان بن الحسن بن بهرام، فهذا القائد الدموي هو المؤسس الحقيقي لدولتنا، حيث استولينا على البحرين، وجزء كبير من شرق الجزيرة العربية، وأطراف من جنوب العراق. وقد بلغت سطوة أبي طاهر ما فعله عام 319هـ عندما فتك بالحجاج يوم التروية، وملأ صحن الحرم بالقتلى حتى قدر عددهم بثلاثين ألف قتيل، ثم هدم زمزم، ومزق كسوة الكعبة واقتلع بابها، وشرب الخمر، ونزع الحجر الأسود وذهب به إلى منطقة هجر بالأحساء، حيث بقي هناك في دولتنا لمدة 30 عامًا.
واليوم تكررون أيها الحوثيون فعلتنا؛ ولكن بأكثر خسة ودموية وأكبر مخطط، بإطلاق صاروخ مدمر على مكة المكرمة في وقت تشهد توافد ألوف المسلمين فضلاً عن أهلها، وفي منعة من الدولة السعودية ومرأى من العالم الإسلامي والعالم أجمع، فكيف تجرأتم على هذا العمل الإرهابي الذي يفوق فعلنا، فسقوط ذلك الصاروخ يعني خراب الحرم، وتدمير الكعبة، وقتل الملايين، وتعطيل الحج لسنوات. لا ننكر أن فعلنا كان شنيعًا؛ فلقد قتلنا الحجاج وعبثنا بالحرم، غير أن ذلك كان مرتبطًا بمسائل دينية وسياسية نؤمن بها، فقد كنا نحارب الخلافة ولا نعترف بها، ونعلن عداءنا لكل المسلمين ولا نقر بإيمانهم إلا من يتبع دعوتنا وينضم لدولتنا ويتشيع لآل البيت حسب معتقداتنا القرمطية؛ لهذا فعلنا ما فعلنا عام 319هـ وقبله بطشنا بقوافل الحجاج والتجار عام 294هـ على يد ذكرويه أحمد بن القاسم، كما أنه لم يكن في زماننا دولة قوية تحمي الحجاج ومكة بسبب ضعف دولة الخلافة العباسية، كما أن المسلمين على امتداد بلاد الخلافة بعيدون عن نصرة الحجاج، ولن يعرفوا بفعلتنا إلا بعد شهور، بينما أنتم أيها الحوثيون تكذبون في إعلامكم وبين أتباعكم وتدعون أنكم من المسلمين وتستهدفون مكة بالصواريخ، وتقاتلون الحكومة السعودية لأنها تعتدي على اليمن- حسب زعمكم - بينما أنتم عملاء لإيران، التي دخلت أرضكم بوساطتكم وقتلتم أهلكم لأجلها، وكانت تعمل على ضم اليمن للمشروع الصفوي، في مقابل السعودية التي أنقذت اليمن بعاصفة الحزم، وأسهمت ومازالت في بناء بلدكم، وتستضيف اليمنيين على أراضيها بأعداد ضخمة، فكيف يستوي زعمكم مع باطلكم؟ فهل محاربة الحكومة السعودية تبيح لكم تدمير مكة، وهي حرم الله ومأرز الإسلام وقبلة المسلمين، وهل محاربة السعودية يبرر عمالتكم للفرس وأنتم أقحاح العرب. وعلى الرغم من أننا وأنتم نزعم التشيع لآل البيت، إلا أنكم أضفتم إلى هذا الكذب الصريح إجرامًا لا يقوم به أعداء الإسلام الحقيقيون، الذين يتورعون عن مهاجمة بيت الله لعظمته في قلوب المسلمين، فهل أنتم مسلمون؟