اللواء الركن م. سلامة بن هذال بن سعيدان
الصفوية الفارسية اختلقت نسباً مصطنعاً وتبنت بموجبه التشيع، مدعية أن مرجعيته تعود إليها ومسؤوليته تخصها، وشايعها مَنْ شايعها وحصل ما حصل في العراق وسوريا من محاولات الإقصاء والتهميش وحالات القتل والتهجير بالنسبة للمكوّن السني، ناهيك عن عمليات التغيير الديموغرافي والعبث الممنهج بالتركيبة السكانية في المناطق ذات الأغلبية السنية.
ولم يكتف المجوس الصفويون ومن يدور في دائرتهم بإعلان الحرب الطائفية ضد المنتمين إلى المذهب السني وممارسة التغيير الديموغرافي بحقهم بلا وجل أو خجل، بل تحالفوا مع أعداء الإسلام من كل مكان عن طريق ركوب موجة مكافحة الإرهاب، مستخدمين الشعارات المذهبية الفاسدة، والعبارات السوقية الحاقدة مع إطلاق اسم الإرهاب وصفة التكفير على كل ما هو سني، كما وصلت الحماقة والوقاحة بالحركة الحوثية في اليمن إلى استهداف مكة المكرمة بالصواريخ الباليستية، مستفزة مشاعر المسلمين، ومتطاولة على حمى رب العالمين، فهل بقي بعد هذا ما يبرر المواقف غير المسؤولة والمخاوف غير المقبولة والتصرفات الخجولة لبعض أهل السنّة؟
والآن وقد تأكد المخبور وانكشف المستور، لم يبق أمام الدول العربية والإسلامية إلا أن تتحمل مسؤولياتها كاملة تجاه دينها وشعوبها، من أجل التصدي لهذه الهجمة الماركسية الصفوية التي تمثل رأس حربة للصهيونية والصليبية، متخذةً من الأنظمة العميلة والتنظيمات الإرهابية والميليشيات الطائفية جسراً تعبر من خلاله لتحقيق أهداف أصحابها وبلوغ مآرب أربابها.
والتخاذل حيال هذه التهديدات القائمة والأخطار الداهمة، يعتبر تجاهلاً لما أمر به الدين، وتجنياً على الأمة وخذلاناً لها، إذ إن القعود عن مناصرة الشعوب الإسلامية المعتدى عليها والمستباحة أوطانها من قِبل أعداء الإسلام، يعني قبولاً لهذا العدوان ومظاهرة للقوى غير المسلمة والأنظمة الباطنية والتنظيمات الإرهابية ضد الإسلام والمسلمين، خاصة وأن بعض هذه القوى والأنظمة يغلف عدوانه بغلاف طائفي والبعض الآخر يضعه في قالب ديني، الأمر الذي يحتم المسلمين المعاملة بالمثل لحماية الدين والدفاع عن المقدسات والذّود عن الأوطان.
كيف لا والأمة عقيدتها مستهدفة، ومقدساتها مهددة، وهي أغلى ما تملك لأنها تستمد منها قوّتها المعنوية والمادية، وتعود إليها مرجعيتها الدينية، كما تنطلق منها علاقتها ذات الأبعاد الحضارية والثقافية والتاريخية، وكل ما يجمع بين أعضائها من الروابط والصلات الأخوية، تلك الروابط والصلات التي لا تنفصم عُراها، ولا تغيرها الأحداث، ولا تختص بأحد دون غيره، وإنما صالحة للجميع ومناسبة لكل زمان ومكان، بوصف الإخوّة في الدين تمثل أساساً للأخوّة في النسب والوطن، ومرجعاً للمبادئ الإنسانية والفضائل الاجتماعية، حيث إنها تعتبر أوثق رابطة وأقوى علاقة وأحكم عقداً وأثبت مودة، ونجاح الانتماءين القومي والوطني مرهون بوجود الانتماء الديني، الذي في غيابه لا يستقيم لهذين الانتماءين أمر ولا يصلح لهما حال.
وحفاظاً على العقيدة الدينية وحماية للمقدسات الإسلامية ودفاعاً عن المصالح المعتبرة ومقاصد الشرع وانسجاماً مع حق الإخوّة في الإسلام الذي يعلو على ما عداه من الحقوق، فإنّ الأمر يستدعي في سبيل ذلك من الأمة الإسلامية أن تعمل كل ما يمكن عمله لنصرة الدين وإعلاء كلمة الله، وبذل ما بالوسع لرفع الظلم عن الشعوب المظلومة والمكلومة ومشاطرتها في المكاره والمصائب وتقديم المساعدة والمؤازرة لها، والمسلم مطلوب منه أن يضحي بالنفس والنفيس دون عقيدته ومقدساته، وأن يعز أخاه إذ ذل، ويكرمه إذا حل، وينصره إذا ظلم، ولا يتركه لمكروه يحل به أو مصيبة تنزل به، وإنما يعينه ويقف إلى جانبه مؤازراً ومناصراً.