د. عبدالرحمن الشلاش
مقطع اليوتيوب الذي نشر في مواقع التواصل بداية هذا الأسبوع وظهر فيه ذلك الشاب الحدث والذي لا يتجاوز عمره السادسة عشرة وهو واقف ممسك بحزامه وبجواره أحد المغررين يرفع من معنوياته ويعده بأنه بمجرد أن يفجر نفسه سيدخل الجنة ويظفر بالحور العين، أعتقد أن هذا المقطع وضح للجميع كيف تتم عملية التغرير بشبابنا وعلى الهواء مباشرة ثم رميهم في المجهول لتحقيق أجندات معروفة.
سبحان الله ويا لكذب هذا المغرر! فهل الطريق إلى الجنة يمر عبر لبس الأحزمة الناسفة وقتل الأرواح البريئة وإراقة الدماء؟ هل الطريق إلى الجنة لا بد أن يمر بكل تلك المحطات الدموية المفزعة؟ هل الطريق للجنة يمر عبر مواقع صراعات لا علاقة لبلادنا بها! وإرضاء لزعماء الإرهاب وتجاره؟
تعلمنا في المدارس ومن المشايخ المعتدلين أن طريق الجنة يمر عبر كل طريق يؤدي إلى رضا الله، وأن الطريق إلى الجنة لا يمكن أن يكون بقتل النفس التي حرم الله؛ فالإسلام دين السلام ودين المحبة وطاعة الوالدين وكل من ولاهم الله أمرنا فأي ثقافة تشربها أولئك الشباب المغرر بهم ومن باعوا أنفسهم للشياطين ليهربوا من بلادهم إلى مناطق الصراع الدائر في بلاد الشام؟
هل أصبحت مفاتيح الجنة في أيدي قادة الإرهاب وتجاره ليسلموها لمن يشاءون؟ وإذا كانوا يكذبون على الناس لتحقيق أهدافهم الدنيئة وتوجهاتهم الضالة فأي عقول تصدقهم وتسلم بما يقولون وكأنه وحي منزل من السماء؟ وإذا كانت الجنة الغالية والهدف النهائي لأي إنسان على وجه الأرض لا يمكن بلوغها إلا بتفجير النفس لقتل البشر فلماذا لا يقوم بهذا الدور أولئك المحرضون والمغررون، أم أنهم يؤثرون على أنفسهم؟! الثابت أنهم يضحكون على هؤلاء المساكين ويستغلون حماستهم واندفاعهم وجهلهم وظروفهم كي يصلوا من خلالهم لما يريدون.
الجنة ونعيمها كانت الورقة التي ما فتئت تلوح بها بعض الجماعات في كل الديانات؛ فحركة الإصلاح الديني في أوروبا والتي قادها مارتن لوثر كان من دوافعها محاربة فساد الكنيسة الكاثوليكية ومنها منح صكوك الغفران.
وفي الحرب الحالية في اليمن عثر جنودنا على مفاتيح الجنة في أيدي القتلى الحوثيين، ونفس التوجه تسير عليه داعش بمنح المفجرين صكوك دخول الجنة! واليوم يمنحها للشباب شخص يدعى المحيسني في بلاد الشام!
طريق الجنة واضح، ولكن قادة الفكر الضال حولوه ليمر عبر تنفيذ أجنداتهم الخائبة فهل من معتبر؟ وهل من وقفة جادة لإعادة الأمور إلى نصابها بالتحذير المستمر من المغررين المقيمين في مناطق الصراع وأساليبهم المعسولة في استقطاب الشباب الصغار؟