م.عبدالمحسن بن عبدالله الماضي
1 - بالتاريخ أحيا اليهود دولتهم البائدة فأسسوا دولة إسرائيل.. واستعادوا لغة منقرضة وهي العبرية.. وأحيوا ديناً منقطعاً وهو اليهودية حيث لا يدعون الآخرين للدخول فيه حتى اقتصر على مجاميع مشتتة في قارات الأرض فصاروا أقليات مضطهدة.. فكيف صار التاريخ سلاحاً مفيداً في يد مؤسسي إسرائيل المعاصرة.. بينما أصبح اليوم مع العرب وسيلة ضارة وظيفتها إثارة العداوات وإيقاظ الثارات وإتلاف حياة المجتمعات؟!.
2 - التاريخ بالنسبة للعرب اليوم هو سلاح الدمار الشامل.. أدخلناه في الدين فصار مقدساً لا يُمَس.. وأدخلناه في السياسة فصار قضية وطنية لا تُنَاقش.. وأدخلناه في ثقافة المجتمع كقيمة فصار وسيلة للتصنيف الطبقي.. وأدخلناه في أنظمتنا حتى صارت المحاكم تحكم وفق أعرافه.. وأدخلناه في المهن فصارت هناك مهن لا يمارسها إلا أبناء الطبقات الدنيا.. أدخلناه في كل تفاصيل حياتنا فأفسدناها.
3 - لقد هيمن التاريخ على حياتنا حتى بتنا نتقاتل على ثأر صار له ألف وأربعمائة سنة.. واستغله الساسة الطائفيون فصار الخطاب السياسي لأحد رؤساء الوزراء في العراق يقوم على أنه جاء يقود جيش الحسين لقتال جيش يزيد.. فيال هذا التاريخ الذي سمح لهذا السياسي الانتهازي باستخدامه.
4 - من المحزن أن تبني الحكومات مشاريع مجتمعاتها على احتياجات التاريخ وليس على احتياجات الإنسان.. ومن المخزي أن يرفع جيشها شعارات (ثارات الحسين) في سعيها لتحرير بعض أراضيها من منظمات إرهابية.. ومن التخلف أن يقود الجيش رجل دين لا عسكري محترف.
5 - حينما يتحول التاريخ إلى تراث مقدس ويهيمن على الواقع اليومي للفرد ثم يشكل مستقبله.. هنا يكون التاريخ كارثة.. لأنه بكل بساطة يكون قد حول الإنسان إلى خدمة التاريخ بدلاً من أن يكون التاريخ في خدمة الإنسان.. فالإنسان هو الذي يصنع التاريخ وينتجه فكيف يسيطر التاريخ على مصيره؟.
6 - أن نغرق في التاريخ حتى يصبح هو مقياس وعينا ومنطلق مفاهيمنا ومصدر قيمنا.. وأن يتحكم بنا حتى يصبح معيار تقدمنا أو تخلفنا هو مدى قرب حاضرنا من ماضي أسلافنا بدلاً من أن يكون مدى تقدم حاضرنا عن ماضينا!.. فهذه مشكلة مدمرة تحيق بالمجتمعات العربية واحداً بعد الآخر.
7 - إذا كنا قد شهدنا في عصرنا الحديث كيف صنع التاريخ وجوداً من العدم.. فأقام دولة وأحيا لغة منقرضة ووحد شتات مجتمع عانى من السبي والتشريد آلاف السنين.. فهذا يعني أن التاريخ يمكن أن يكون سلاحاً نافعاً.. أليس كذلك؟.