د. محمد عبدالله العوين
ما كان يقال خلف الكواليس ضمن تقارير سرية قبل عقود أصبح اليوم واقعا مؤلما ومشهودا مع بالغ الأسف!
وسواء فازت هيلاري كلينتون - وهو المتوقع - أم فاز المتطرف ترامب - وهو احتمال ضعيف - فإن ما يهمنا نحن العرب والمسلمين ما يمكن أن يحدث في منطقتنا بسبب المواقف الأمريكية مما يجري وينفذ من خطط مرعبة تستهدف الأمة كلها؛ لا قطرا بعينه ولا مساحة جغرافية محددة.
لقد أفصحت هيلاري في تصريحات متكررة مذ كانت وزيرة للخارجية وإلى اليوم عن رؤيتها المجحفة لبلادنا، كما هي نظرة رئيسها « أوباما « دون أن تفرق بين التصرفات الشخصية التي قد تحدث من أي إنسان لا يحمل المجتمع أو الدولة ما ينتج عنها أو يتداعى بسببها من أحكام والموقف السياسي والديني للدولة الذي لا يتفق مع التصرفات الشاذة؛ سواء كانت من مواطن أو من غيره.
ولو أجرينا هذه النظرة في المحاسبة على الدول والشعوب؛ فإن أمريكا وغيرها من الدول الكبرى ستقع تحت طائلة الاتهام الشنيع بالإرهاب بممارسات إجرامية من أفراد أمريكيين، بغض النظر عن دوافع ذلك السلوك الإجرامي، هل هو شخصي أم بتوجيه رسمي، كما حدث في « فيتنام «و»أبو غريب» و»جوانتانامو» وغيرها.
وهذا الإصرار من القيادة الأمريكية على هذه الرؤية المجحفة والظالمة يشير إلى التهيئة لاتخاذه مسوغا لأحداث سيئة لا نتمناها قد تقع في المنطقة. وكأن تطورات المشهد الدامي في المنطقة العربية منذ سبعة وثلاثين عاما؛ أي بعد زفة الخميني للسلطة في إيران وما حدث بعدها من حروب وإلى اشتعال شرارة ما سمي زورا بالربيع العربي أواخر عام 2011م يؤكد على أن مخطط استهداف المنطقة يسير في طريق التنفيذ إن متعجلا أو متأنيا حسب الظروف المواتية دون أن يتأثر أو يتغير بذهاب رئيس ومجيء آخر!
والشواهد على تنفيذ مخطط التفتيت والإضعاف والإنهاك نراها دامية تتفجر في أربعة أقطار عربية عزيزة ونسأل الله السلامة للباقي.
ولكن ما هي الغايات التي يرمي إليها مخططو التقسيم والتفتيت من أكابر المستشارين والباحثين في مراكز صناعة القرار الصهاينة؛ كبرجنيسكي وهنري كسينجر وبرنارد لويس وأوديد يانون وغيرهم؟
واحدة من الغايات البعيدة التي ستسغرق بعض الوقت هي تنفيذ حلم «دولة إسرائيل الكبرى من الفرات إلى النيل».
ونجد التصريح بهذا الحلم الطوبائي في مذكرات « هرتزل » وكتابه « الدولة اليهودية » وخطابه في أول مؤتمر يهودي في العالم ببازل عام 1897م.
وهو ما تحقق كأول خطوة عملية بإطلاق وعد بلفور بعد التقسيم الأول للأمة العربية والإسلامية 1916م باتفاقية « سايكس - بيكو « بمشاركة روسية قيصرية آنذاك.
وثانية الغايات إيقاف وإجهاض أي احتمال لنهوض عربي أو إسلامي يمكن أن يقاسم الحضارات الأخرى الأوربية والأمريكية والروسية والصينية الهيمنة على مصادر الثقافة والثروة والاقتصاد في العالم.
قد تتمخض الأحداث في الشام والعراق بعد كثير من الدم والألم والخراب والتهجير عن دويلات وأقاليم، ثم تبدأ المرحلة الثانية من تحقيق الحلم اليهودي الصهيوني « من الفرات إلى النيل ».
ونسأل الله تعالى أن يحبط آمالهم ويجمع شمل العرب والمسلمين ويوحد كلمتهم.