د. عبدالواحد الحميد
قتل شابٌ أخاه في جدة، فتبيّن أن القاتل مدمن مخدرات. هذه المأساة التي تسبب بها مدمن مخدرات ليست الأولى ولن تكون الأخيرة، وقد وقعت جرائم تقشعر لها الأبدان في الآونة الأخيرة ارتكبها مدمنو مخدرات، ومن ذلك قتل أحد المدمنين لوالدته ووالده، وقتل مدمن آخر لوالده وشقيقته!
هذه الجرائم عرف الناس عنها لأن وسائل الإعلام نشرت تفاصيلها، ولكن هناك جرائم لا تصل حد القتل يرتكبها مدمنو المخدرات لا يسمع عنها الناس، وهناك مشكلات وتحديات كبيرة تعاني منها عائلات مدمني المخدرات لا يعرف عنها الآخرون لأن عائلة المدمن لا ترغب أن تلوكها الألسن فتحاول التستر على سلوكيات ابنها المدمن وتتحمّل العذاب المرير بصمت.
من أجل ذلك يتفق الجميع على أن المخدرات هي أحد أبشع الأمراض الاجتماعية التي يمكن أن تصيب مجتمعاً ما، فهي تنخر المجتمع من داخله بأن تقضي على شبابه وأجياله الناشئة وهي بذلك تكون أخطر من العدو الخارجي مهما بلغت شراسته لأن العدو الخارجي واضح وأهدافه مكشوفة.
وتجارة المخدرات التي تتشابك قنواتها عبر قارات العالم تقوم عليها عصابات بالغة القوة والشراسة، وهي تحصد أرباحاً تُقاس بالمليارات ولا تتردد في استخدام أقذر الأساليب لنشر الإدمان بين شباب العالم من أجل جني المال الحرام.
وبالطبع نحن جزء من هذا العالم الذي تعيث فيه عصابات المخدرات إجراماً، بل إن سوقنا المربح صار هدفاً رئيسياً للمعامل والورش التي تنتج المخدرات في الخارج وتبيعها لشبابنا خصيصاً!
إن انتشار المخدرات بين شبابنا ينذر بكوارث ما لم نضاعف جهودنا لمكافحتها ومعاقبة المتاجرين بها أشد العقاب. إنني أعلم أن هناك جهوداً كبيرة تبذلها الجهات المختصة وفي مقدمتها وزارة الداخلية والأجهزة التابعة لها، لكنني أتمنى أن تنعكس هذه الجهود على أرض الواقع بأن تنحسر حالات الإدمان بين شبابنا.
ربما نحتاج إلى أساليب أكثر صرامة، كما أننا بكل تأكيد نحتاج إلى توفير رعاية للمدمنين بما يتجاوز المستوى المتاح في الوقت الحاضر وذلك لعلاجهم أو لحماية المجتمع من أذاهم.