د.عبدالعزيز الجار الله
المستشفيات من الأرقام المنسية في سجلات وزارة الصحة، ومن ناحية تاريخية وإدارية فإن وزارة الصحة مسؤولة مسؤولية مباشرة عن إنشاء المستشفيات طوال (68) عاماً 1370هـ، وهي بالفعل أنشأت أعداداً كثيرة من المستشفيات: المدن، المرجعية، التخصصية، والعام. ولا أحد ينكر الدور الكبير الذي قدمته وزارة الصحة في افتتاح المستشفيات، لكن مع التطور العمراني السريع والكثيف للمدن أحدثت معها اتّساعاً كبيراً في السكان، قابله بطء أو شبه توقف في بناء المستشفيات بسبب يتعلق بخطط الوزارة رغم توفر الأموال وسخاء القيادة والميزانيات، فقد مرت على وزارة الصحة الدورة الاقتصادية الثانية - الطفرة التنموية - دون أن تستثمرها بالصورة الصحيحة، وفقدت بذلك امتلاك بنية تحتية من المنشآت.
وزراء ورؤساء هيئات مرت عليهم الدورة الاقتصادية الثانية دون تطوير إداري ومهني وفني لقطاعاتهم ومن ضمن هذه القطاعات وزارة الصحة التي لم تستثمر مرحلة التنمية بإنشاء مستشفيات حكومية أو مستشفيات لبيع الخدمة الطبية عبر شركات التأمين والقطاع الخاص والراغب في العلاج السريع أو طلب العلاج بالمقابل عند أطباء متميزين في المستشفيات الحكومية.
الأوضاع الحالية: الإدارية والاقتصادية والمالية. تتجه إلى الخصخصة وبيع الخدمات وفك الاحتكارات ووقف الصرف غير المقنن، والهدر المالي على مشروعات ليست بالأولوية، كما أن المرحلة القادمة هي بناء كيانات ذات جدوى اقتصادية ونماء اجتماعي وعائد مالي يدعم خزينة الدولة.. ووزارة الصحة لم يظهر أنها قدمت رؤية جديدة وفقاً للمعطيات الجديدة أو أنها أظهرت أنها تجاوزت طروحاتها القديمة التي راوحت مكانها ما بين تقديم الخدمة الطبية الحكومية وبين التأمين الطبي الشامل للمواطنين، وهذا التجاذب في زمن الطفرة والوفرات المالية أضاع الفرص على وزارة الصحة في بناء المدن الطبية لتقديم الخدمة الحكومية أو بيع العلاج الطبي.
والآن أمام وزارة الصحة فرصة أخرى جديدة لزيادة مواردها في الاستفادة من توجه رؤية السعودية 2030 التي تتيح المجال للخصخصة مع معادلة الخدمة المقدَّمة للمواطن، والتأكيد على عدم تخلي الدولة عن العلاج المجاني سواء قدمت الخدمة العلاجية مباشرة من الدولة، أو عبر التأمين الطبي الشامل.