اللواء الركن م. سلامة بن هذال بن سعيدان
مهما اختلفت مصادر الخوف، وتعددت أسبابه فإن التغلب عليه يكون من خلال الشعور بالأمن الذي يسعى الخائف إلى تحقيقه عبر وسائله المتاحة من أجل درء المخاطر والسيطرة على المخاوف، أياً كانت طبيعة هذه المخاوف وبواعثها والأبعاد الأمنية المستهدفة بالتهديد والمعرضة للمخاطر، وفي خضم الأحداث الجارية والأزمات المتتالية فإن أغلب المنتمين إلى المذهب السني، يعتريهم شيء من التردد عند الدفاع عن مذهبهم، كما يظهر عليهم التخوف من قول الحقيقة، ويبدون في حيرة من أمرهم بسبب العقدة الطائفية والمصيدة الإرهابية في الوقت الذي يرفع فيه النظام الصفوي الفارسي والدائرون في فلكه أعلام الطائفية والإعلان عن تبنّيها والدعوة إليها جهاراً نهاراً.
ومخاوف أهل السنة من أن يتهموا بالطائفية تجاوزت سقفها الطبيعي حيث أخذت شكلاً من أشكال الخوف من الخوف والتهرب من الواقع إذ لم تتم مواجهة المشروع الإيراني القائم على الطائفية والداعي إليها بمشروع مضاد لا مواربة فيه ولا ممالأة، بحيث يكون الجزاء من جنس العمل والبادئ أظلم على نحو يتم بموجبه دحر وإفشال هذا المشروع الطائفي الذي تشهد عليه ممارسات النظام الإيراني واقترافاته في العراق وسوريا واليمن ولبنان وغيرها، وهي ممارسات لم يتستر عليها، وإنما يعلنها ويتبجح بها إلى الحد الذي أصبحت معه هذه المخاوف ترسل نذيرها من كل مكان وتجد لها ما يثيرها من فتن الزمان، خاصة بعد أن نجح نظام الملالي في تصدير ثورته ونشر مذهبه عبر وكلائه وعملائه، منفذاً مشروعه الطائفي ومخططه الثوري في عدد من الدول العربية بدعم من قوى الشر من الغرب والشرق التي وصمت الإسلام بالإرهاب المزروع، واعتبرت المكون السني هو العدو المصنوع بغية استهداف هذا المكون، وجعله بين سندان التنظيمات الإرهابية ومطرقة مكافحتها كما هو الحال في العراق وسوريا وليبيا.
وهناك من النخب السياسية والثقافية من يجني على ذاته ويتجنى على دينه ووطنه بسبب خوفه من الاتهام بالطائفية ووقوعه في الفخ الذي نصبه له رعاة الإرهاب، وتأثره بما تروج له نظرية حرب الأفكار على النحو الذي جعله يخاف من دينه ويخجل من قيمه بدلاً من اللجوء إليها لبث الطمأنينة والتفاؤل في النفوس واستفزاز الهمم، بوصف الدين هو الحصن الحصين الذي لا ينفذ منه الخوف ولا يتسرب إليه اليأس، نظرا لأنه ينمى الطاعة الغريزية ويقوي الإرادة الفطرية، ويشكل الترياق الذي يقهر المخاوف ويكبح الانفعالات المثبطة والنوازع النفسية المحبطة.
ولم يدرك هؤلاء القوم أنهم بهذا الصنيع أساءوا من حيث أرادوا الإحسان، إذ تنكبوا جادة الصواب وتنكروا إلى دينهم وقيمهم نتيجة للفهم الخاطئ الذي دفع بهم إلى التخاذل والعجز عن الدفاع عن أهل السنة والوقوف ضد أعداء الأمة من الصفوية والنصيرية والرافضة وكل من يحذو حذوهم من الخوارج والتنظيمات الإرهابية.
وحتى لو صارت الطائفية شراً لابد منه، ووجدت طريقها إلى أهل السنة وفُرضت عليهم رغماً عنهم من خلال دعاة التعصب المذهبي والتشيع السياسي من الطرف الآخر، وكان هناك من يحاول أن يوقعهم في مصيدة الإرهاب الذي أريد له أن يتزيا بزيهم، وأن يتقمص اسم مذهبهم، ويستوطن داخل مواطنهم ليسهل الإيقاع بهم بعد اتهامهم بما ليس فيهم، فإن المكر السيئ لا يحيق إلا بأهله لأن الحق أقوى من الباطل والنصر الموعود قادم حتى لو تعثر مساره وطال انتظاره، مما يتطلب الأخذ بالأسباب وإيقاظ هذا العملاق النائم قبل أن يفوت الأوان ويحصل ما لم يكن في الحسبان.
وانطلاقا من صحة العقيدة وسلامة المذهب فإن المنتمين إلى المذهب السني ينظرون إلى المنتمين إلى المذهب الشيعي نظرة أخوية ذات مرجعية انتمائية بعيداً عن التعصب المذهبي والانحياز الطائفي رغم أن المكون السني يمثل الأكثرية وعليه تأسس الإسلام وإليه ترجع حضارته ويعود تاريخه، والمذهبان يكمل أحدهما الآخر داخل الانتماء الديني في شكله الجامع المانع علاوة على الاستفادة من الانتماءين القومي والوطني.