أمل بنت فهد
حين يكون القرار يخصك وحدك ولا يؤثر على حياة الآخرين من قريب أو من بعيد.. فأنت حر بأن تعلنه كما هو دون إضافات.. لأن تبعات القرار خاصة بك أيضاً.. وأنت من سيجابه النتائج سلباً كانت أم إيجاباً.. وستكون المعارضة على استحياء.. وأحياناً غير صريحة ومقدمة على طبق النصيحة «السامجة» لأنك لم تطلبها.. وتستطيع أن ترفضها بالشكل الذي يعجبك.
أما القرار الذي يمس مصالح الآخرين.. ومصائرهم الاجتماعية أو الوظيفية فإنه القرار الذي يقلّبك على كف عفريت.. ولا بد أن تتعلم فن الإعلان عنه.. لأنك ستواجه نوعين من المعارضة.. معارضة صريحة.. ثائرة أو هادئة.. وأخرى مبطنة تفهمها من الصمت الذي يعد بمكيدة متى حانت الفرصة.. وتبقى في منطقة الأمان مادامت ردود الأفعال متوقفة على المقاومة.. إلى أن تتحول لمرحلة أوضح وأكثر اصطداماً.. مرحلة العصيان.. التي يقول فيها الآخرين (لا) بطرق مختلفة.. إما صريحة وقحة.. أو بإهمال تفعيل القرار.. أو بالأسوأ منها.. وهو تجييش البقية ضدك.. وتحويل القرار من مهني أو اجتماعي.. إلى موقف شخصي يقدح في أمانتك وحكمتك وعقلك وتوجهاتك ومذهبك ونزاهتك.. ولا تستغرب فأنت من تصرف بعفوية في أمر لا يحتمل طيبة ولا سذاجة.. حين تكون مسؤولاً فأنت مسؤول.. لا يوجد منطقة وسطى في مساحة المسؤولية.. جحيم بيدك أن تتعايش معه.. وبيدك أن تزيد اشتعاله وتحرق نفسك مع البقية.
ولا تعول كثيراً على أتباع أو زملاء أو حتى أبناء يمكنهم الرضوخ لقرار يؤثر عليهم دون فهم أبعاده.. ولن تجد شخصاً واحداً يراهن عليك.. وإن وجدته فهو من الندرة بحيث لا تستطيع أن تتخيله.. بالطبع لست أقصد المتزلفين لك.. فهم المنتفعين منك سواء قررت أم لم تقرر.. واثقين من نيل حصتهم.
وحتى تحمي نفسك.. فإن فن إعلان القرار يساعدك كثيراً.. لتكون المقاومة مرنة في طرف.. وفي طرف تكاد تنعدم.
أولاً: وضح أسباب القرار.. خاصة إن كانت قهرية.. واعترف بمواطن الضعف الجماعي الذي يرزح تحته كل فرد موجود.
ثانياً: اشرح كيف يمكن تفادي الخسائر الفادحة مقابل بعض التضحيات.. وقدر حجم الوقت التقريبي الذي تحتاجه.. فلا تضحيات مفتوحة المدة.
ثالثاً: يمكنك حينها أن تعلن عن قرارك.
لا أعدك بموافقة جماعية.. ولا بعاصفة من التصفيق.. لكنك ستكسب الوقت.. وتغلق الطريق على هجمات الثعالب.. وتكسب الكثير من التأييد.. لأنك حرفياً جعلتهم يشعرون بأنهم شركاء في القرار.. شركاء في الصبر.. شركاء في التضحية.. شركاء في المصير.
إنه فن الإعلان عن الكوارث.. حين تقول: إنها مؤقتة.. فالصبر يستمد جبروته من حلم الخلاص حين يكون له موعد ومكان.. أما دونه.. فإنها فوضى ستعصف بك إلى أن تجد نفسك مخلوعاً عن كرسيك.