فوزية الجار الله
في كل أسبوع، شاء الله ثم أرادت الأقدار أن ألتقيكم أسبوعياً في هذه الزاوية التي أصبحت بمرور الوقت وتكرار ارتيادها واحتى وآهتي واستراحتي من ضجيج هذا العالم وصخبه..
تلكم هي لحظات الهدوء التي أختلسها بعيداً عن تلك الحياة الزائفة أحياناً، أعتزل أصوات البشر أياً كانوا وكيفما كانوا أنأى بنفسي عن أبواق السيارات وصخب الآلات وثرثرة بعض الرجال الفارغين والسيدات العابثات إلى ما هو أنقى وأجمل وأكثر جدوى، إلى هنا حيث واحتي وآهتي واستراحتي..
أعترف لكم قرائي الأعزاء بأني لا أطيق فراقها ولا يروقني أن يمضي الأسبوع دون أن تشرق كلماتها في قلبي وأستعيد لقاءكم وإحساسي بكم.
في الأسبوع قبل الماضي غابت هذه الزاوية وغبت عنها لأسباب قاهرة يمكن وصفها ببيت شعري شهير:
أضحى التنائي بديلاً عن تدانينا
وناب عن طيب لقيانا تجافينا
هكذا إذن في لحظة تتحول علاقة الكاتب في أجمل حالاته صدقاً وإخلاصاً للكتابة إلى علاقة عشق وهو في هذا الوضع دائم البحث عن عيني حبيبته يجد فيها عذابه وألمه تماماً مثلما يجد واحته واستراحته..
وهذا ما يحدث حين أكتب بعد غياب، حين أنتهي من رسم آخر سطر في مقالة مميزة كتبتها بريشة القلب، أشعر بفيض من الفرح والابتهاج، في أعماقي مزيج مضيء يتمثل أمامي مشهداً حياً نابضاً لبستان مترامي الأطراف أوشكت زهوره على الذبول، تبدو أرضه مقفرة وقد انقطع الري عنها منذ أيام لكن هاهي الحياة تعود مرة أخرى، تتفجر ينابيع من بين الصخور المنسية، تتألق الجداول تحت ضوء الشمس وهناك قاب آهتين أو أدنى شلالات لا تعلم من أين بدأت ينابيعها ولا إلى إي نقطة يتوقف فيضها، يرافق ذلك خفق أجنحة الفراشات وهمس الظباء والغزالات الصغيرة، ومن ثم صوت العصافير والنوارس وهي تردد نشيد الحياة.
****
** التقيت مؤخراً في أحد المطارات خارج المملكة بسيدة قادمة من نيوزيلندا كانت إلى جواري وقد قادتني خفة روحها ووجهها المميز بابتسامة تكاد لا تفارقه إلى الدخول معها في محادثة لطيفة عابرة بقدر ما سمحت به ظروف الوقت وبداية التعارف، عرفت منها بأنها متوجهة للعمل في إحدى الشركات السعودية الخاصة وعلمت أيضاً بأنها المرة الأولى التي تأتي فيه إلى السعودية سألتني بمنتهى الرقي ودماثة الخلق: هل لي أن أسألك عن كيفية التعامل هنا، أقصد ثقافة المجتمع (culture) خاصة وأنني سوف أعمل في مجتمع مختلط فيه رجال ؟!
قلت لها:(be yourself)
أسعدتها إجابتي، لكنني استدركت وفكرت وأنا أودعها بعد تبادل عناوين التواصل فيما بيننا.. أهذا حقاً ما ينبغي عليها أن تفعل ؟ هل ضللتها بإجابتي دون قصد مني؟! آمل ألا يكون ذلك..
غابت المرأة في طيات الزحام ولازال السؤال يطوف برأسي.