غسان محمد علوان
تغلب الهلال على متذيل ترتيب دوري جميل السعودي للمحترفين بصعوبة بالغة وفي الرمق الأخير من اللقاء، منقذًا جماهيره من إحباط أخذ في الازدياد يومًا بعد يوم، ومنقذًا نفسه من التخلي عن الوصافة بفارق نقطة واحدة عن المتصدر الاتحاد والتراجع إلى المركز الخامس في دوري محتدم لا يقبل التنازل عن نقطة واحدة لكثرة المتزاحمين على الصدارة. في ذلك اللقاء ظهر الهلال بوجه باهت، ومنظر أحزن جماهيره أكثر مما أغضبهم. روح معدومة، لا مبالاة غريبة تظهر مع كل تسديدة طائشة أو تمريرة ساذجة، مع غياب تام للرغبة في الفوز وكأن الفريق ينتظر أي نتيجة مهما كانت لتستمع الجماهير بسلسلة من الأعذار البالية التي يتصدرها (قدمنا كل اللي علينا وما حالفنا التوفيق). وكأن التوفيق الذي يكمن في الفوز وتسجيل الأهداف سيأتيك وحده وأنت في تسعين دقيقة لم تسدد سوى تسديدتين فقط على المرمى، وتلعب 40 عرضية خمسة منها فقط صحيحة!! ثم يأتيك من يقول إن الفتح كان متكتلاً في الدفاع مصعبًا بذلك قدرة الهلال على التسجيل. لا اختلاف على ذلك، ولكن كل الاختلاف في كيفية التعامل مع هذه التكتلات وضربها منذ بداية اللقاء، لتمضي دقائق المباراة بسهولة ويتمكن الفريق الراغب بالفوز من إحراز المزيد من الأهداف.
هذا البرود، وهذه اللا مبالاة في كل لقاء مهم أصبحت صبغة هلالية زرقاء يجب علاجها فورًا والتأكَّد من أسبابها وطرق علاجها.
لماذا يدخل اللاعب الهلالي اللقاء (من غير نفس)؟
لماذا يدخل اللاعب الهلالي اللقاء (كنه مغصوب)؟
لماذا لا ترى ردة الفعل ظاهرة جلية على وجوه لاعبي الهلال عند ضياع فرصة، أو اقتراب نهاية اللقاء دون تسجيل الأهداف أو تحقيق الفوز؟
لماذا في الهلال وحده لا يعد العمل النفسي والعمل التحفيزي للاعبين، من ضمن استعدادات الفريق قبل اللقاء تمامًا مثل العمل التكتيكي والفني، والعمل اللياقي، والعمل على الجاهزية البدنية؟
في الهلال شرخ كبير بدأ في الظهور قبل عدة مواسم ليست بالكثيرة، وهو قادر وبكل سهولة على تقويض كل العمل الإداري والفني والصرف المادي الكبير. تمامًا مثل ذلك الشخص الذي يشتري أكبر السيارات الفارهة قيمة، ويزودها بكل الكماليات الضرورية وغير الضرورية، ويخصص لها كل الأموال للصيانة والرعاية بها، ويجلب لها أكبر السائقين خبرة وتمرسًا، ثم حين يقوم بتشغيلها يكتشف أنه نسي وضع الوقود فيها!!
ما الذي افتقده الهلال في الفترات الماضية وكان يمتلكه قبل سنوات البرود؟
ما الذي كان يبث روح التحدي والرغبة في إثبات الذات في المواجهات الحاسمة والمفصلية جاعلاً منها مجرد فصلٍ من فصول تأكيد زعامته المطلقة على الكل، تمامًا كما كان يفعل عندما يواجه أندية الوسط ومؤخرة الترتيب ناصبًا سيركًا من الأهداف في شباكهم واحدًا تلو الآخر؟
هل كانت شخصية الرئيس أو نائبه القريبة من اللاعبين فكريًا وحماسيًا وليس جسديًا فقط هي السبب في بث الروح والتحدي؟
هل كانت المكافآت المادية المغرية المتصاعدة تدريجيًا هي السبب؟
هل نوعية المدربين المشتعلين حماسة ورغبة في الفوز، هي جذوة نار الحماس في قلوب اللاعبين؟
هل كان الجهاز الإداري في كرة القدم قادرًا على إشعال هذا الفتيل؟
هل قرب الجماهير التي تحضر في النادي مؤازرة ومشجعة للاعبين عند الانتصار وقبل اللقاءات، أو عتابهم ونقدهم ومكاشفة اللاعبين وجهًا لوجه دون حواجز أو رجال أمن هي من كانت قادرة على إيقاظ ما خمُلَ في نفوسهم؟
كل تلك الأسئلة يجب أن توضع على طاولة النقاش أمام مجلس إدارة النادي، ليس حبًا في الهلال فقط، بل حرصًا على عدم إهدار مجهودهم الواضح وصرفهم السخي على النادي.
انقذوا جهدكم وتعبكم وأموالكم قبل أن تنقذوا الفريق. فكل ما عملتموه سيذهب هباءً منثورًا أن لم تكملوه برأس الهرم (الرغبة الجادة بالفوز) القادر في كثير من الأحيان - بعد توفيق الله- على تجاوز كل النواقص الفنية والعناصرية وتقلبات المباريات وحدوث المفاجآت.
لا تدعوا زعيمكم مجرد صورة لشيءٍ جميلٍ مضى، فالزعامة لا تليق إلا بمن يدفع مهرها.
خاتمة...
أنا مصمم على بلوغ الهدف، فإما أن أنجح.. وإما أن أنجح.
(دايل كارنيجي)