د. خيرية السقاف
لماذا السالب يتسيد؟!
التذمر, والتنمر, والمخالفة, والنقد اللاذع, والمجاهرة بالمرفوض,
والتعدي على المجاز, وطيران الهش, وتهميش الجيد,
فراغ النفوس من الوقار, وامتلاؤها بالزهو المفرَّغ,
تمويه الأصيل, وتلميع الوضيع,
تجميل القبيح, وتقبيح الجميل!!
لماذا زُج النبلاء في معمعة كادحة كالحة,
ورمى النبال من لا يُبري القوس؟!
لماذ كشرت العبثية عن أنيابها,
وزأرت الفوضى في غير عرينها؟!
لماذا هدم البرزخ,
وهجم المالح على سكون العذب؟!
لماذا امتدت ألسنة سليطة تجلد في كل اتجاه, وتخدش كل رهيف؟
لماذ انزوت في أفواهها الطيَّبةُ النظيفةُ منها؟!
لماذا سُنَّت المخالب, ونهشت المُثُل؟!
لماذا هذا الغث يأكل بأدوائه الجمال, والهدوء,
واغترب الآمن, وصال العمى,
وتراقص العته, وفاح العفن؟
هل لأن الحبل قد تُرك على غارب الوسيلة أبجديتها, وجغرافيتها
فانشق عن الحياء رداؤه ؟!
ونزلت الكوارث منازل الهمم؟!
واتخذ الجحيم من النعيم تورية؟!
ونصبت المفسدة كناياتها؟!
فهل الحرية وباء, والفرصة داء؟!
وهل الوقاحة انتصار, والفقر من الأدب عافية؟!
أم أن الجهل سيد يعتلي, والغباء مزية تسود؟!
والبلاغة بالكاد تلتئم أبنيتها, ومعانيها؟!
لماذا, لماذا؟!!
هل لأن العالم بقواه السيادية البشعُ وجهُه, الفاتكُ فعلُه,
السيئةُ نواياه, المنقلبُ على ظهر مجنِّه سلامُه, وفحواه,
المعِدُّ شواؤه, المسنُّ سكاكينه,
المكتظةُ قدورُه, المتلمَّظ ُجمرُه, المنبعجةُ براكينُه,
المترصد, المتحفز, المندس, المحرض, المجاهر, المخاتل قد حضر فأغوى,
وأضعف وأردى, وضلل فأهوى, وأوهم فأغنى؟!
.............؟؟؟؟؟!!!!!!!
الأسئلة تعلق علاماتِها معقوفة ًعلى مشجب الفجيعة
ومتاهِ الاغتراب ِ!! ..