علي الصراف
عندما تتعرض المملكة العربية السعودية إلى ضرر أو إرهاب أو تهديد، فإن السؤال الجدير بالتأمل هو: من يفرح ومن يحزن؟ لعلك ترى في جوابه، بمقدار أكبر من الوضوح، ليس طبيعتهم وحدها، وإنما الصلة بينهم أيضاً.
الذين يفرحون، كما تدل الوقائع، هم: الإرهابيون، وكل أهل الضلالة من أتباع الولي اللافقيه في إيران، من جماعة الحوثي، إلى المخلوع صالح، إلى «حزب الله» في لبنان (ولا أقول «اللبناني»، لأنه إيراني)، إلى كل الحركات والتنظيمات الفارسية المماثلة في سوريا والعراق.
وهؤلاء لا يجتمعون عبثاً. إنهم على ضلالة واحدة، وعلى خفة عقل واحدة. وثمة من الأسس المنهجية المشتركة الكثير مما يجعلهم عدواً مشتركاً واحداً، لا فرق بين واحد وآخر.
ولئن جاء كل منهم بحقده الخاص، فإن النهايات واحدة، وهي أنهم ينظرون إلى المملكة كقوة تحدٍ لمخططاتهم المشتركة التي تسعى إلى تمزيق دول المنطقة على أسس طائفية، وإلى تحويل إستراتيجية التفتيت والفوضى، إلى واقع يفرضون من خلاله تطلعاتهم الدموية وأغراضهم الهمجية.
هم يرون ما تعنيه المملكة، كقوة مركزية في محيطها العربي والإسلامي والإقليمي. ويرون أيضا أنها تمثل قوة المواجهة الأهم والأكبر للمشروع الذي يجمع بين الإرهاب والطائفية (ليغذي أحدهما الآخر). ولكنهم يرون أيضاً ما تمثله المملكة من إمكانات لبناء المستقبل.
وهذه الإمكانات هي من أشد ما يخيفهم، لأنها تضرب إستراتيجية التخريب في الصميم، ولأنها ترهن الجهد من أجل تمتين مقومات الدولة الوطنية الحديثة، وبناء مجتمع فاعل ومتماسك يخدم نفسه، ويخدم أجياله، ويحصن وطنه وينظر إليه كقيمة نهائية، وكهوية عليا.
والدولة الوطنية القائمة على أسس العدل والمساواة والقانون هي العدو الأول في أعين الإرهابيين والطائفيين على حد سواء، لأنها الوحيدة التي تشكل تحدياً سياسياً واستراتيجياً وأخلاقياً لـ «دولة - اللادولة»؛ كانتونات الطوائف المتناحرة، والمليشيات المتصارعة، وأنظمة المحاصصة والفساد والإرهاب والتعسف التي يريدون أن يسبحوا في مستنقعاتها العفنة، كما هم في الواقع يفعلون الآن في العراق وسوريا.
وعندما أطلق مجرمو الحوثي صواريخهم صوب مكة المكرمة، بينما كان الإرهابيون يعدون العدة لتفجير هنا أو هناك، فقد دلّت الدلالة بما يكفي، أنهم أعداءٌ مشتركون لدين الله؛ أعداء لأقدس مقدسات المسلمين، وأنهم على ضلالة واحدة.
ولئن خاب أملهم، هذه المرة، فإنه سيخيب في كل مرة، لأن الباري عزّ وجل أعز بيته، وأعز المؤمنين من حوله، وأعز الساهرين على أمنه، لتثبت الوقائع المرة تلو الأخرى، أن أعداء هذا البيت على خفة عقل واحدة.
أما الذين يحزنون، فهم على اختلاف مشاربهم، على أمل واحد. وهم ينظرون إلى المملكة على أنها قوة القيادة والريادة العربية والإسلامية الوحيدة القادرة على إعادة بناء استراتيجيات الدفاع عن مصالح هاتين الأمتين، في أقسى الظروف التي تمر بها الآن.
ويؤمنون بأن المملكة تملك كل ما يؤهلها لهذا التطلع. وأهم ما تملك هو قدرتها على الجمع والتوحيد.
الذين يفرحون بأذى المملكة، مثلهم مثل الذي مات بحقده. لا هو أضر به، ولا هو انتفع. فعاش خاسراً، ومات بالحسرة.
أما الذين يحزنون، فمثلهم مثل الإخوة، ما زاد لأحد فيهم، إلا وعاد بنفعه على الجميع.
المملكة قوة جمع وتوحيد. وهم قوة تمزيق وتفريق. وهذا بمفرده دلالة كافية، لتعرف الطبيعة على طبيعتها.