د. صالح بكر الطيار
تمتلئ خارطة العالم بمتغيرات سياسية ودولية وتغييرات اقتصادية ومعيشية، وتضج العديد من الدول باضطرابات وفتن وعدم استقرار.. ونحن - ولله الحمد - ننعم في بلادنا بالأمن والأمان رغم حقد الحاقدين وحسد الحاسدين من كل الأطراف، ورأينا القيادة السعودية الرشيدة وهي تصنع أوجهًا جديدة من العلاقات، وتؤطر لدروب متجددة من التعاون الدولي، وفي ظل كل المتغيرات ظلت قيادتنا على موقفها ومبدئها من كل الأزمات الدولية. ولو بحثنا في الآفاق المستقبلية للعلاقات السعودية الدولية فإن ميزان العلاقات يخضع للعديد من المؤشرات الإيجابية في ظل وجود التحالف الإسلامي الذي يضم نحو خمسين دولة، شكلت ضربة قاصمة إلى كل من كان يهذي بضعف العلاقات بين الدول الإسلامية والعربية، وتحديدًا في جانب التعاون العسكري. إن وجود هذا التحالف سينعكس مستقبلاً على مستويات جديدة من العلاقات مع الدول الأوروبية وأمريكا، وأيضًا دول آسيا، مع ضرورة تفعيل اجتماعات مجدولة لدول التحالف لوضع أرضيات ثابتة من التعاون القادم لمواجهة متغيرات الحال والمستقبل. وفي ظل ذلك فإن العلاقات المميزة لدول الخليج العربي وما تشهده من تنامٍ في مستوياتها، وكانت السعودية رائدة في حماية البيت الخليجي، وترميم العلاقات في بعض جوانبها بين الأشقاء، فإن هذا الدور خلق أفقًا مستقبليًّا جديدًا لدول الخليج، تعكسه قوة وتماسك واتحاد، يجعل العلاقات المستقبلية تشهد منحنيات إيجابية متزايدة قياسًا بالأعوام الماضية، وأيضًا تضع الطامعين في خانة «الانهزام» أمام هذا التعاون، وهم أمام خيارات الابتعاد والنأي بعيدًا عن التدخل في شؤون الخليج وشعوبهم، أو مواجهة عزلة دولية مستديمة نظير ما يشهد به المجتمع الدولي إزاء اتحاد الخليج وقوته وتوحُّد مواقفه.
وعلى مستوى العلاقات الدولية فإن دول الخليج مقبلة على فترة مهمة من العلاقات مع الجانب الأمريكي، تعتمد على نظرة استباقية، ومراقبة عن كثب لما ستسفر عنه الانتخابات الأمريكية بين المرشحين الأساسيين (الجمهوري رونالد ترامب ومرشحة الحزب الديمقراطي هيلاري كلينتون). وبطبيعة الحال، فإن الوضع المرتقب سيعتمد على الأجندات الحقيقية للعمل القادم في حال فوز أحد المرشحين بعيدًا عن الأجندات الوهمية أو الترويجية التي يسعى المرشحون لتوفيرها أمام الشعوب والحكومات.
لقد قامت السعودية - وستظل - ومن خلال كلماتها ومواقفها الدائمة في الأمم المتحدة بدور مميز، ظل منهجًا للعديد من الدول العربية في التعاطي مع التحديات الراهنة والمقبلة بسياسة متزنة، تعتمد على المواقف الثابتة من القضايا التي تهم الشعوب العربية، وأيضًا موقف صارم ضد ما تحيكه إيران للحكومات وأطماعها في المنطقة التي كشفتها السعودية من خلال حربها عن اليمن، وانكشاف الأخيرة في استهدافها عبر جماعات الحوثيين المارقة والمخلوع علي صالح اللذين يوظفان أجندات إيران في المنطقة؛ ما جعل الدور السعودي واجهة اعتمدت عليها العديد من الدول وفق مسار لا يحيد عن الحق، وكانت السعودية سباقة في كشفه للجميع.
الأشهر القادمة ستحمل في طياتها علاقات جديدة ودروبًا مختلفة للعمل الدبلوماسي بما تقتضيه مراحل التحديات الحالية، وما ستكشف عنه تنبؤات القادم من الأيام في ظل مسار سعودي فريد من السياسة الخارجية، ظل أنموذجًا يحتذى به في سياسات الدول، وظلت السعودية الرائد الحقيقي لمقاومة الفتن، والساعي الأكبر لتخليص الدول الصديقة والشقيقة من الفتن، والشعوب من المحن، وها هي تقود الخليج والأمة الإسلامية في سياسة فريدة من العمل الدبلوماسي والسياسة المتزنة التي تغلب مصالح الشعوب، وتعطي للأعداء درسًا في مواجهة أي فتنة أو عداء من أي جهة.