رجاء العتيبي
الظهور في تويتر ليس بالضرورة أن يكون مفيداً, وكثرة الظهور بمناسبة وبدون مناسبة لا يعني أن الشخص سيحصد المتابعين أو يكون له قدرة على التأثير, مهما غرّدت في تويتر ومهما قلت ومهما ناقشت ومهما تحدثت, لا يعني ذلك أنك أصبحت مشهوراً, ولا ملهماً.
الكثير في تويتر ينطبق عليهم المثل القائل: (ربما كلمة قالت لصاحبها دعني), كناية عن التغريدة التي تأتي في غير وقتها وتعود على صاحبها بالوبال, وتكشف مقدار المنطق المعوج الذي يتسم به, ولا يعلم أولئك أن الكلام والتعبير والمداخلات ووجهات النظر والحضور هي (هبات) ربانية لا تأتيك لأنك تريدها فقط.
زلات اللسان باتت مرصودة على نطاق واسع, بعد أن كانت مقتصرة على محيط المجلس الصغير, باتت موثّقة نصاً وصورةً, تظهر في كل شهر وكل سنة وكل مناسبة تستدعي إعادة الزلة, ومن كثر كلامه كثر خطؤه, فبما بالك والشخص ملازم تويتر على مدار الساعة.
قد (تحترق) إعلامياً بسبب تويتر وأنت لا تعلم, أليس تويتر مادة إعلامية؟ وما دام الأمر كذلك, فإن الظهور الإعلامي له معايير, أول هذه المعايير التي تعلّمناها في مقاعد الإعلام هذه الجملة (ليس كل ما يُعرف يُقال) إذا استطعت أن تتعامل مع هذه الجملة بذكاء, تكون قد تجنبت منطقة من الاحتراق, وإذا ظهرت في الوقت المناسب تكون قد تجنبت منطقة أخرى من الاحتراق, وإذا قلت جملة ذات معنى في وقتها وأمام المعنيين, كان ظهورك أكثر تأثيراً وصورتك أكثر لمعاناً.
ألم يخطئ وزراء وقادة ومشاهير ولاعبون وممثّلون ومطربون في تويتر بسوء تقديريهم في وقت الظهور وبنوع التعبير الذي اختاروه؟ الكثير منهم جعلت منهم مجرد (جملة) خارج اللعبة, أو جابهوا غضب جماهيري. ألم يذهب بعض (مشاهير الحمقى) إلى السجن, كل ما في الأمر أنهم ظهورا بصورة غير لائقة وقالوا كلاماً في غير محله, والجماهيرية التي حصدوها تبخّرت في ساعة, هذا غير الصورة التي انطبعت في أذهان الناس عنهم.
اليوم باتت الاستشارات الإعلامية أكثر حاجة عن ذي قبل, والإستراتيجيات الإعلامية هي الأخرى باتت مهمة أساسية, بدليل تغريدة (وزارة الإسكان) الأخيرة التي تدعو إلى إكرام الضيف, ما جعلها مادة للتندر من نشطاء تويتر, ليس لمعنى الجملة فمعناها (نبيل), ولكن لتوقيتها, فالتوقيت كان كارثة.
إذا بدأت التغريدة, تأكد في البداية أنك في (قناة إعلامية) وأن (الدهر) سيصبح منشداً, فكر قارن قيّم, ثم اضغط إرسال, إذا لم تصل إلى نتيجة اعمل (مسح) واستمر في التصفح, فقد يكون التصفح أقرب لمؤهلاتك الشخصية, ودع المهمة لغيرك فقد يكون أقدر منك الإلهام.