د. عبدالواحد الحميد
ليس هناك أفضل من الشفافية وطرح جميع المعلومات أمام الرأي العام عندما يتعلق الأمر بشبهات فساد تطال جهة حكومية أو أهلية. وقد أحسنت شركة أرامكو السعودية صُنعاً عندما قدمت للرأي العام معلومات مفصلة تتعلق بواقعة الفساد التي شابت شراء ثلاث طائرات من شركة «إمبراير» البرازيلية.
التستر على الفساد لا يعني أن الناس لن يعرفوا ما يفعله الفاسدون، والجهة الحكومية أو الأهلية التي تتستر على الفاسدين اعتقاداً منها أن ذلك يحمي سمعتها ترتكب خطأ فادحاً لأن الناس سيعرفون الحقيقة عاجلاً أو آجلاً. فالشفافية هي التي تحمي سمعة الجهاز وليس محاولة إخفاء الحقائق، وخاصة في زمننا الحاضر الذي أتاحت فيه التقنية إمكانية الوصول إلى المعلومات والأسرار، وهاهو العالم كله يتحدث عن أسرار المرشحة الرئاسية الأمريكية هيلري كلينتون بفضل الاختراقات الإليكترونية وجهود «ويكي ليكس»!
أرامكو السعودية قدمت لوسائل الإعلام معلومات ذكرت فيها أنها أثناء عمليات التدقيق الداخلية في الشركة عام 2012 بشأن تعاملاتها مع شركة «إمبراير» البرازيلية اكتشفت بعض المخالفات، فبادرت إلى إجراء تحقيقات داخلية استباقية بالتعاون مع وزارة الداخلية والجهات المختصة. وقد اكتشفت من خلال هذه التحقيقات استلام أحد موظفيها السابقين رشوة من الشركة البرازيلية في إطار معاملة صفقة الطائرات الثلاث، كما تم اكتشاف كل الجهات المتورطة في العملية، وبناءً على ذلك تم اتخاذ الإجراءات النظامية ضد الموظف وتعليق أهلية شركة «إمبراير» في أي تعاملات مستقبلية واتخاذ الإجراءات القانونية ضد الشركة.
لا يضير أرامكو أن يكون أحد موظفيها السابقين أو الحاليين فاسداً، ففي كل بيئات العمل الإداري يوجد فساد بنسبةٍ ما، لكن ما يضير أرامكو وغيرها من الأجهزة الحكومية وغير الحكومية التستر على الفساد.
لقد أصبح الفساد أحد أبرز الموضوعات التي تناقش في المؤتمرات واللقاءات على المستوى العالمي ليس لأن الفساد ظاهرة جديدة وإنما لأن كشف الفساد والفاسدين في زمننا الحاضر لم يعد صعباً كما كان في السابق ولأن الشعوب أصبحت أكثر وعياً بحقوقها التي ينهبها الفاسدون وصار صوتها أعلى من السابق في المطالبة بحقوقها وبردع الفاسدين.
الشفافية هي سلاح أي جهاز حكومي أو أهلي لحماية سمعته وليس العكس، وهذا ما يجب أن يعرفه من يحاولون «دفن» الإسرار بذريعة تجنب الفضائح والإساءة لسمعة الجهاز أو البلد.