سعد بن عبدالقادر القويعي
بشار الأسد، وبوتين، يتابعان لعبة الأرض المحروقة، وسيبقيان -دائماً- لاعبين في تشكيل مستقبل سوريا، وهو ما يفضح عدم احترامهما لأدنى الحقوق الإِنسانية، أو العمل على مواكبة مسار سياسي عادل للقضية، وسط تقاسم للمسؤوليات عن الكارثة، رغم ما تحتويه معركة حلب من أبعاد كثيرة في التوازنات العالمية، والبحث عن فرصٍ جديدة يُتيحها النزاع الإقليمي؛ لأن ما بدأ كثورة شعب في سوريا؛ من أجل الحرية، والكرامة -قبل خمس سنوات-، قد تطوّر -اليوم- إلى أزمة دوليّة لا تضاهيها أية أزمة أخرى - منذ الحرب العالميّة الثانية-.
تضمن النزاع السوري عدة حروب في حرب، وسط تعهد من موسكو بدعم دمشق، والذهاب حتى النهاية في معركة حلب، التي لا تزال محوريّةً لإستراتيجية بوتين. ورغم تكلفتها الإِنسانية، فقد عادت روسيا، وحصنت مكانتها كلاعب رئيس في الشرق الأوسط،؛ ليتحتم على الجميع أخذ مواقفها في الاعتبار؛ الأمر الذي يعني ضمان سلطة الأسد لفترة طويلة، واستمرار شراكة إيران، ومحورها لهذا الخيار، بالتلازم مع التدخل الروسي، وتداعياته، وهو ما سيمكنها من إملاء رأيها حول العملية السياسية في سوريا لصالح النظام، والتحالف -الروسي الإيراني-.
بالتوازي مع هذه التطورات الخطيرة، لا تزال الولايات المتحدة تمارس فشلا سياسيا، وأخلاقيا في الشأن السوري، وتعيش انفصاما بين دور البيت الأبيض المدافع عن جرائم الأسد، وبين إدارة الكونغرس التي تهيئ الملفات؛ لتدين بها النظام في مرحلة ما بعد الرئيس أوباما، ومقاضاته أمام محكمة العدل الدولية، أو المحكمة الجنائية الدولية، في حين أنها تغفل الدور العالمي الذي لا غنى عنه للولايات المتحدة في حلّ النزاعات.
في عالم الاضطراب الاستراتيجي، فإنَّ حالة سوريا ستبقى مستمرة، وسيبقى وضع حلب حرجا؛ لأن المصالح الأمريكية، والروسية لم تلتق بعد؛ ولتكون المأساة شاهدا على صراع الإرادات، وقياس النفوذ بين تلك الأطراف، وهذه هي المحصلة من فشل العمل الإقليمي، والدولي. -كما التدخل- يمكن قراءته كمؤشرٍ على اللحظة النهائية في انكشاف الصراع مع الغرب كمحاولة أخيرة لاستعراض القوة، وتحقيق مخطط الشرق الأوسط الكبير، وتوزيع الأدوار، والحصص في المنطقة، على الرغم من تناقض ما سبق مع القوانين الدولية، ومع مبادئ سيادة الدول، ومع مصلحة الشعب السوري، ووحدته -أرضا وشعبا-.