ناصر الصِرامي
كتبت مقالات سابقة عن تحولات الإعلام المرتقبة، لناحية الهيكلية الإدارية والمؤسساتية أو لناحية اقتصاديات المهنة.
وطوال سنوات وتقلبات وانقلابات مهنية عدة، من الورق للإعلام الإلكتروني بصيغة الوب البسيطة - فيما كنّا نشير إليها بالإعلام الإلكتروني. مرورًا عبر الشاشات الكبيرة لمحطات التلفزيون المختلفة في تطور بثها الفضائي، بعد أن اختطفت اللقب من شاشات السينما العملاقة. وصولاً لليوم في ظل الشاشات المتنقلة الصغيرة التي أصبحت تسيطر على اتصالنا عبر التطبيقات المختلفة للإعلام الجديد وشبكات التواصل الاجتماعي الهائلة.
انقلابات كبيرة لم تواكبها أي حركة تصحيحية اقتصادية ومهنية من قبل المؤسسات الصحفية التقليدية، التي كان أبعد ما فعلته، أن سجلت حضورًا أشبه بالعادي وغير الفعلي غالبًا وتفاعلي في أحيان أخرى في كل مراحل تطور الإعلام الرقمي.
نتحدث على الأقل عن المؤسسات الصحفية والإعلامية والشركات المسجلة في قطاع الإعلام على أقل تقدير، فهذه هي المفترض المعنية بالفرص الجمة المرحلية، وفي المدى القريب والمتوسط.
لكن من الواضح أن هناك خلال مؤسساتي، أو تردد غير مقصود - ربما- في وضع استراتيجيات ومبادرات تسويقية ومعلوماتية ذكية من قبل هذه المؤسسات، وهو أمر سيعمق بالضرورة الفجوة بين هذه المؤسسات التقليدية ونوعية وسلوك وفهم المستهلك اليوم ولهذا آثاره التدميرية على أي مؤسسة..!
كتبت سابقًا عن تحويل المؤسسات الصحفية، إلى شركات مساهمة، تلك المؤسسات التي بدأت بعصر الصحافة الفردية حينها، ومن أجل جذب الأموال وتوسيع نطاقات نجاحها، عمدت إلى النظام المؤسساتي، وهو ما منحها فرص البقاء حتى اليوم.
من الواضح أن ليس أمام هذه المؤسسات العتيقة اليوم من فرص عديدة للاستمرار في ظل وضعها الحالي، الذي يظهر الانخفاض الكبير في عائداتها المعلنة، مع غياب واضح عن الاستثمار في الإعلام الرقمي، الذي كان يمكن أن يسند وضعها المتراجع، وبالتالي فإن الحل الأمثل مرحليًا أمامها، هو التحول السريع نحو مرحلة الشركات المساهمة، لجذب رؤوس أموال جديدة تجعلها قادرة على تنويع استثماراتها والدخول في مجالات النمو الإعلامية الرقمية! والمستقبلية على أمل المحافظة على وجودها.
الأربعاء الماضي، أعلنت «نيويورك تايمز» تراجعًا شديدًا في أرباحها في الربع الثالث من العام 2016، بسبب الانخفاض الشديد في العائدات الإعلانية للنسخ الورقية.
وتراجعت أرباح المجموعة المالكة للصحيفة، بحسب موقع أرقام، - بنسبة 96 في المائة إلى 406 آلاف دولار، في مقابل 9.4 ملايين لنفس الفترة من العام الماضي.
إلا أن رقم أعمال الإعلانات الإلكترونية، ارتفع بنسبة 21.5 في المائة ليشكل أكثر من 35 في المائة من إجمالي العائدات الإعلانية، بسبب استثمار الشركة مسبقًا في القطاع الرقمي.
لكن هذا الارتفاع لم يكف للتعويض عن انخفاض بمعدل 18.5 في المائة في رقم الإعلان الورقي وهو انخفاض تعاني منه كل الصحف الورقية التقليدية.
المدير التنفيذي للمجموعة مارك تومسون شدد على المكاسب الاستثنائية المحققة في المجال الرقمي. وقال: «سنستثمر في الإبداع والابتكار في مبادرات نعتبرها مفيدة وفي التركيز على هيكلة التكاليف والنمو السريع في القطاع الرقمي».
تبدو الخيارات متاحة أمام المؤسسات الصحفية، لكنها أيضًا خيارات محدودة للغاية، التحول لشركات مساهمة، المزيد من الاستثمارات في الإعلام الرقمي، الدخول في استثمارات مساندة، وتنويع الاستثمار..!