للقيم في ميزان الحضارات قيمة بالغة لا تقدرها الأثمان ولا تحصيها الركبان ثابتة ما تعاقب الحدثان واستهل القمران.
ذلك أن عدة الأزمنة الحرجة والمواقف المتأججة والأزمات المؤدلجة والتحالفات المظهرة والمبطنة قيم سامية عظيمة مستمدة من كتاب الله وسنة رسوله - صلى الله عليه وسلَّم -.
قائمة على أخلاق كريمة سامية وسلوك مجتمعي قويم ومنهجية حضارية راقية وقوة فكرية سليمة وانتماء لوطن يعتز قادته وشعبه بأن القرآن والسنة أساسه وركيزته عليها يحيا وعليها يموت بإذن الله. ويفخر بخدمتهما ويسعى للدعوة إليهما.
إن الجيل إِذْ تغرس فيه القيم منذ نعومة أظفاره تكون راسخة فيه رسوخاً ثابتاً وتتمكن من روحه ويكتسي بها سلوكه. وتتوشح بها شخصيته، وتقوم عليها مبادئه وتنتظم به أفكاره.
من هنا توجهت القوى العالمية إلى التركيز على قيم المجتمعات عند رغبتها في التعامل معها والتأثير فيها في السلم والحرب والاقتصاد والسياسة والثقافة والإعلام وغيرها فإنها تنطلق من تلك القيم وتسعى للتأثير فيها تحريكاً وتغييراً وتحريفاً تضخيماً وتقزيماً. تصعيداً وتهبيطاً!
إن الأسرة مسؤولة مسؤولية كاملة عن ذلك حيث هي المحضن الأساس، والبيئة الخصبة لقيم سليمة وأخلاق قويمة، فهي مصدر التربية والتعليم أفرادها قدوة كبارهم لصغارهم.
كما أن التعليم يجب أن يؤدي مسؤوليته في ذلك إِذْ من المهم أن تحوي المقررات موضوعات عن القيم وحث على العناية بها وتدريب النشء عليها وتشجيعهم على التمسك بها والتركيز على الأنشطة الداعمة لها في الإذاعة المدرسية والمشاركات التنافسية والمسابقات، وإشراك الأسرة في البرامج ومنحها مجالاً للمشاركة مع أبنائها ما أمكن.
يتأكد ذلك في المدارس والمعاهد والجامعات وكافة قطاعات التعليم العام والخاص. ولا سيما المدارس العالمية على وجه أخص يجب أن يتأكد في حقها إبراز تلك القيم لما تحويه في منظومتها من جنسيات متعددة وثقافات مختلفة ومقررات تتباين ومسارات التعليم الأخرى، مما يجعل العناية بذلك في غاية الأهمية.
ومما يعين علو ذلك عناية الإعلام بإبراز قيم المجتمع السليمة وإظهار أصحابها على أنهم قدوات جديرون بالتأسي ودعم نجاحاتهم ومساندة أفكارهم ومشروعاتهم وتخصيص برامج تعنى بهم وتوظَّف من أجلهم.
ولعله أن يكون من مسلمات هيئة الترفيه أننا نحتاج ترفيهاً إلى جانب ما يدخله على النفس من البهجة والسرور ينطلق من ثوابتنا وقيمنا ويصون عاداتنا وتقاليدنا ويدعم أخلاقنا ويحمي مبادئنا.
ليأتي مع ذلك كله المجتمع في تقديره واحترامه لأصحاب القيم والترحيب بجهودهم ومؤازرتهم والإشادة بهم وجعلهم في مقدمة الركب.
إننا نترقب من المجتمع بكافة أفراده ومؤسساته وعلى رأسها مجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية العناية المكثفة بالقيم ورعايتها وحث النشء على التمسك بها وجعلها وسماً تعتز به النفوس وسمواً تهفو إليه واسماً تتصدر به كل القمم على كافة المستويات وإن كنا نطمح بتأسيس هيئة لتعزيز القيم تصمم البرامج والخطط الطَموحة بناء على الأهداف السامية والرؤية الحكيمة وتقيم شراكات مجتمعية مع المؤسسات ذات العلاقة لتتكثف الجهود ويزكو الحصاد وينتج الغرس ويينع الثمر بإذن الله.